أقلام مبدعة | نجم الأسبـــوع | اضافة خلفية للموضوع | إبداعاتِكم | قوانين مجتمع غلاك |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
02-28-2024, 06:32 PM | #1 |
|
لقد قتلتني الحرب، ولكن...
تمهيد: قبل سنة في إحدى الدول المجاورة، صادفت رجلًا أفغانيًا يعمل كـ حمّال أمتعة في أحد الأسواق الشعبية كانت لديه مشكلة في ساقه، يحاول مساعدة الآخرين قليلًا، و من وقتها وأنا أفكر في الأشخاص أمثاله، هذه القصة من وحي الخيال، عن أشياء كحياته.... هو بطل هذه القصة من منظوري.
في الواقع أنا حيٌ لهذا أحكي قصتي، لكن مجازيًا فالحرب قد قتلتني مرةً، عندما كنت أقرأ عن ماضي بلادي أتسائل، هل كان هناك فعلًا فترة رخاء، جدي يقول أنهم كانو يعيشون حياة عادية، لم يكونوا أغنياء، لكن على الأقل كان هناك سلام وأمان وهما نعمتان لم يشعروا بها حينها، لقد شعروا بها الآن ويبكون عليها ويتمنون عودتها، وعندما يبكي الرجال بهذه الحرقة فهذا يعني أن هناك أمر جلل قد حدث!. أعلم أن حياتنا الآن قاسية جدا ومؤلمة، لكن أظن أن من عاش الأمان يتألم أكثر، لأن هناك شعورا جميلا يفتقده، بينما نحن لا نفتقده، إنما نتمناه، لا نعرف هذا الشعور كيف يكون لهذا كونه أمنية أسهل من افتقاده. بينما نحن في الحرب نعمل لكي نسد رمق جوعنا وقليل من أساسيات حياتنا، لا أعلم إن كان جدي يخبرنا حكايات الماضي ليسلينا ويواسينا أو ليواسي نفسه، رغم أنه عاش حياة العمل والفقر منذ الصغر، لكن يراها طفولة جميلة مقارنة بما هو عليه الآن، هو عجوز مسكين لا يستطيع الحركة جيدًا، لذلك يعتبر نفسه عالةً علينا، على أبي تحديدًا، ابنه الذي يرد عليه دائما "لقد بذلت جهدك يا أبي لأجلي وها أنا أعيده" لكن جدي لا زال يشعر بأنه عبءٌ وفق ظروف حياتنا، أردت أنا أن أُغير قليلًا من حال جدي وأبي وأمي وأختي، لكني كما يبدو لهم فتى مسكين، في الواقع أنا مشوه في ساقي قليلًا فهي ليست سليمة، لهذا لا أمشي بشكلٍ جيدٍ وكثيرا ما أتعرض للمضايقات والتنمر من أبناء الحي، حتى إن كنا فقراء ونعيش في ألم الحرب لا زال هناك من يتعامل بسوء وجفاء مع الآخرين وكأننا لا يكفينا ما لدينا، نحن مؤذيين فيما بيننا لهذا نجد من يؤذينا أيضًا. لم يكن جهدي للعمل سوى جمع للخردة الصالحة للبيع، لا أحد يهتم بفتى غير سليمٍ مثلي، يظنون أني غير كفؤ وهكذا أمري حتى صرت شخصًا بالغًا، يؤسفني أن حالنا لم يتغير، وساقي أيضًا، ولم أجد عملًا جيدًا، كل الأمور سيئة تتراكم حولي في هذه البلاد، لكن ذات مرة إقترح علي شخص ما لماذا لا تسافر لإحدى الدول البعيدة للعمل فيها، تسائلت "هل الأمر يستحق العناء؟ هل يتقبلون شخصًا مثلي؟" فرد علي بأن هناك فرصة، وأنه سيذهب وسيأخذني معه إن أردت وسيتخذ الإجراءات المناسبة لذلك، فرحت وشعرت أنه مثل الرزق الرائع الذي أرسله الله إلي، أخبرت عائلتي بما حدث، تبكي أمي لرحيلي بعيدًا، لكن أبي يواسيها بأنه سيعيش مرتاحا، وأضفت إليه بأني سأرسل مالًا كافيًا لهم، لم يرفض أبي لكنه أصر أن لا أرسل كل المال وأن أفكر بنفسي أكثر، هذه المرة أنا من بكيت، لأنني أردت العمل لأجلهم لكنهم يفكرون بي وبراحتي وسعادتي. ربما هو حسن حظٍ لي أن الأمر مضى على خير، وجدت المستندات المناسبة والموافقة وكل شيء للسفر، لم أفكر ماذا سيكون العمل، لكن الصديق قال لي، ربما سائقًا أو عامل بناء، لا يبدو الأمر سيئًا لأننا نعمل مثل هذه الأشياء في بلادي بكل بساطة، وسعدت أنهم سيوافقون علي، لكن ما لم يكن في حسباني أنه ربما ليس الأمر هكذا، وفعلا لم يكن هكذا، هم يريدون شخصًا سليمًا للعمل في مثل هذه الأعمال، وأنا؟ ماذا عني؟ إقترح أحدهم أن أذهب للسوق وأن أسحب عربتي الصغيرة لأحمل أمتعة الناس، ليس هناك عمل ثابت ولا دخل ثابت، لكن الحصول على شيء أفضل من عدم الحصول على أي شيء، لا أرى أن هذا العمل سيء مقارنة بجمع الخرداوات سابقًا، لذلك بدأته متحمسًا جدًا، لأنني تأملت بأن أجد مالاً كافيًا للحياة وعيشة كريمة، أن أدخر مالي سنين حتى أعود لبلادي مجددًا ، كان العمل مرهقًا تحت أشعة الشمس، وليس ثابتا وتمر أوقات لا يوجد فيها أي عمل،وأبقى أشعر بالملل الشديد جدًا، وعندما أحاول مساعدة الآخرين في أي شيء آخر يظنون أنني فعلته بداعي الحصول على المال، الأمر مزعج، حتى أنا بإمكاني أن أفعل الخير لغيري. لماذا يظنون أن عليهم إعطائي المال كل مرة، أحيانا أخذه في تلك الأوقات التي أحتاجه لأن لدي عائلة وعدتهم بأن أرسل المال لهم. الأمر يبدو عاديا ولا بأس به لكن إن سمعتهم يتحدثون عن ساقي وعن إعاقتي وتعاطفهم المبالغ جدًا معي وكأنهم مليئون بالإنسانية تماما للحد الذي يجعلني أبدو كضحية لهم، هنا يثور غضبي، لكن علي أن ألجم غضبي رغمًا عني لأنني لست في بلادي. هكذا هو حال الحياة، هناك من يحب التباهي على حساب الضعفاء في نظرهم، لكنني رغم هذا قوي، قوي في داخلي لأني تحملت حياتي وظروفي وإعاقتي، تحملت الفقر والغربة، القوة بالفعل لا بالحال، يا ليتهم يفهمون هذا الأمر. هكذا مرت حياتي ، رغم هذه الصعوبات أواسي نفسي بأن أمي ستطبخ ما تحبه، ستكمل أختي تعليمها، سيرتاح جدي بالتالي سيرتاح أبي، أما عن سعادتي فهي سعادتهم، مرت سبع سنوات حتى أرسل لي أبي "أما آن أوان عودتك إلينا للأبد؟" لم أفكر بالأمر جيدًا سابقا، لكن الآن تعجبت من فكرة أبي هذه، لماذا يريد عودتي؟ هل حدث أمر ما؟ كنت في أرق لفترة، لم أستطع سؤاله لماذا، ولأن الموضوع أزعجني جدًا عقدت العزم للعودة، لكن ماذا رأيت؟ رأيت أن منزلنا أصبح أفضل، لدى أبي محلٌ بسيط يدر دخلًا جيدًا، كل تلك الأموال التي أرسلتها كانوا ينفقونها بحذر ثم استخدموها بشكلٍ جيد، لم يكن عنائي بلا فائدة، ها قد أصبح منزلنا مريحًا أكثر، وأبي أخبرني بأنه يمكننا العمل معًا في المحل فهو ملكٌ لنا، ليس مالًا وفيرًا، لكنه مالٌ كافٍ للحياة، وأنه لا يريد مني البقاء في الغربة أكثر، لم يكن حلمي يتوقف عند هذا الحد، لكن عندما رأيت إصرار عائلتي في البقاء بينهم، وأن علي الزواج وتكوين أسرتي الخاصة الآن، اقتنعت بالبقاء في بلادي مجددًا، ربما لا أحصل على مالٍ أكثر، لكني أحصل على دفء عائلتي واستقراري النفسي، عيش اللحظة بسلامٌ خير من كثيرٍ من مال، هكذا أظن، هل تبدو نهاية قصتي سعيدة؟هي ليست سعيدة تماما لكن مُرضية، هناك من مات في الغربة، هناك من لم يستطع العودة لأن لديه إلتزامات أكبر، لكني عدت لعائلتي وأعيش بشكل عادي وهذا كافٍ لي الآن. لقد قتلتني الحرب، لكن ألمها قد جعلني أقوى في الحياة! gr] rjgjkd hgpvfK ,g;k>>> ,g;k>>> |
اللهم إنا نستودعك إخواننا في غزة، والسودان وسوريا
فانصرهم، وكن عونًا لهم، وإلطف بهم، وتولهم برحمتك ياحي ياقيوم "سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك" |
02-28-2024, 06:47 PM | #2 |
عاشق البنفسج
|
رد: لقد قتلتني الحرب، ولكن...
رواية جميلة جمعت بين حسن الصياغة وجودة الفكرة
يبين علاقة الإنسان بالحياة ومدى مكابدته فيها والحبكة الدرامية في عرض الأحداث بنثر أدبي رفيع وتنسيق مبهر يلفت إنتباه متلقيك بإعجاب في حقيقة الأمر ليست قصصا عادية تحكى وكفى وإنّما هي دروس في الحياة تتشعب إلى مجالات حياتية عديدة ومؤثرة ذات مغزى وعبر تحياتي لروحك الجميلة ويراعك المتألق حيابك |
يا شمسي و بدري يا خفقة فؤادي هذي المشاعر فيكِ تأنقت وتألَّقتْ .. إذا ما الليل أستوحش فأنتِ رفيقتي وفيضُ القوافي من وجهِكِ الوضَّاءِ ترجلتها من شجن في أسطار كتابي |
02-28-2024, 11:43 PM | #3 |
DESIGNER
|
رد: لقد قتلتني الحرب، ولكن...
من العنوان ظننت ان هناك معاناة مأساوية بنهاية فظيعة
لكن لا، الامل كان متغلغل رغم الالم والصعوبات والمعاناة قصة جميلة والاجمل انها مقتبسة من حياة ومن شخص بعينه تسليط الضوء على حياة اخرى واقع اخر لانعلم عنه شيء يوسع افاق انسانيتنا نصبح اكثر مراعاة وملاحظة لكل من يمر بنا ملاحظة شعوره واحساسه وحساسيته ومايخالجه من مشاعر سلمت على هذا الطرح المميز والمتفرد ختم واضافة 400 نقطة |
|
02-29-2024, 12:07 AM | #4 |
|
رد: لقد قتلتني الحرب، ولكن...
،.
قصّة كفاح الحمدلله نهايتها تحقيق حلم ولو جزء بسيط من ما تتوق النّفس لتحقيقه سردك في الأحداث ينّم عن معرفة ظروف الحياة في تلك الأماكن وطبيعتها صياغه مُتقنه للأحداث أماريلس سلمتِ وسلمَ اليراع المميز |
|
02-29-2024, 12:55 PM | #5 |
|
رد: لقد قتلتني الحرب، ولكن...
كلمة شكرا قليلة بحقك نص باذغ من الاخر هذه الروايات والا فلا
|
|
02-29-2024, 06:04 PM | #6 |
|
رد: لقد قتلتني الحرب، ولكن...
يعطيك العافية ع جمال وصياغه الروايه
يسلم يدينك |
الف شكر ي قلبي رانيــا |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الحرب،, ولكن..., قتلتني |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|