في رواية الجحيم لدان براون جاء ذكر هذه اللوحة الفنية للفنان ساندرو بوتتشيلي والتي تصور الجحيم بمنظور دانتي أليغييري فيلسوف سياسي ورجل دين من العصور الوسطى في إيطاليا، مؤلف الكوميديا الإلهية؛
و مسمى كوميديا ليس لأنها هزلية فالكوميديا أسلوب كتابي يخاطب به العامة من الناس فلا يحمل معاني معقدة ولا كلمات ثقيلة المعنى بل بسيطة يمكن لأي قارئ ان يفهم معناها وإن لم يكن من أهل الاختصاص، وقد كان قديما لا يقرأ الكتب إلا خاصة الناس من العلماء ورجال الدين والمفكرين، وكانت غالبية الكتب تكتب بلغة صعبة معقدة على الانسان العادي فهمها، وهنا أتى اسلوب الكوميديا.
وماكتبه دانتي في الكوميديا الإلهية هو وصفه للجحيم والمطهر والجنة من منظوره الشخصي وسبب كتابته لهذا الكتاب او الملحمة الشعرية، ان دانتي كان غير مرغوب به في موطنه فلورنسا لاسباب سياسية، لهذا عزم السياسيون وبعض الوجهاء في السلطة ورجال الدين إلى نفيه خارج موطنه، وعندما كتب هذا الكتاب ذكر أن الجحيم هاوية عميقة من تسع درجات تؤدي لعمق الارض وكل درجة تضيق يعذب فيها الناس بطريقة معينة وكل طبقة تخص فئة الوثنية الجشع والغرور والخيانة الكذب الشهوة والخ وفيها يرى الناس الذين يعذبون اشخاص عرفهم او سمع عنهم حكم عليهم وذكرهم بالأسم انهم في الجحيم إما لأنهم مذنبين بوجهة نظره أو لانهم تعرضوا له شخصيا ووصف افعالهم الظالمة له انها خطايا وانهم في الجحيم.
وعبر هذه الدوائر هناك طريق "المطهر" يمر الناس عبره، وفي أخر هذا الجحيم او عمقه يوجد الشيطان الذي يعاقب على الخطيئة الاكبر بحسب مفهوم دانتي
اللوحة صورت مفهوم دانتي بوجهة نظر الفنان بوتتشيلي فقد كان مهتما بهذه الكوميديا ودرسها بدقة حتى يرسم لوحته الفنية هاوية الجحيم
ومن خلال رواية الجحيم استعرض الكاتب دان براون أن دانتي وضع مفاهيمه لمن يعذب في الجحيم بدون حيادية فقد خصص اماكنهم بناء على الاشخاص الذين تعرضوا له وان هذه الخطايا مبنية على من طردوه من فلورنسا أي انه رأى أن الخطايا هي هذه تسع فقط وأن ما دون ذلك لا يحتسب كخطيئة.
من يقرأ روايات دان براون بالاخص مجموعة روبرت لاندنغون، يجد حصيلة كبيرة من المعلومات عن عصر النهضة حيث رسمت لوحة الجحيم في تلك الفترة الزمنية كانت فترة عامرة بالفنون، وقد استخدمت اللوحة كأحد رموز الرواية ولغز من الغازها الغامضة،
لا يستطيع القارئ لدان براون إلا أن ينغمس في المعاني واللوحات والاماكن التي يذكرها في رواياته ويبحث عنها ويفهم فحواها ومعانيها، وذلك لانه يستخدم الكثير من الرمزيات لأعمال فنية شهيرة في رواياته وتدور حبكة رواياته في طابع فني ديني تاريخي يمزج الوقائع التاريخية بالخيال لدرجة تجعلك عاجز عن تحديد ما الخيالي منها وما التاريخي "وقد يدهشك الكثير من المعلومات الحقيقية التي قد تفترض انها خيالية" وهذا أمر شدني في جميع روايته من مجموعة روبرت لاندنغون ماعدا رواية الرمز المفقود والتي تتطرق لحقيقة الماسونية بمفهوم الكاتب، وماجعلني اتوقف عن قراءة الرواية الكثير من تفاصيل الخيال العلمي التي يستعرضها في روايته تصيب القارئ بالملل حيث اسهب فيها بمبالغة، وبالطبع قارنت بينها وبين رواياته السابقة "ملائكة وشياطين" و"شيفرة دافنشي"
وأخر رواية قرأتها له كانت رواية الأصل وسأكتب عنها لاحقا
مع الاشارة الى ان ثلاثة من رواياته حولت لافلام لكن انصح بقرأة الرواية اولا وبعد ذلك رؤية الافلام الرواية فيها تفاصيل مختلفة اكثر متعة واجمل، الممتع في الافلام انك ترى الاماكن واللوحات مثل مكتبة الفاتيكان في ايطياليا ومتحف اللوفر في باريس
ايضا تصوير الشخصيات اكثر عمقا ومنطقية في الرواية
بعض من اقتباسات دانتي أليغييري
"لا يوجد ألم أعظم من تذكر سعادة الماضي في حزن الحاضر"
"إن ادنى شيء أقوله أو افعله سيجد فيه الناس خطأ ليتحدثوا عنه"
"الكثير من حب الذات يخدع الرجل فلا يمكنه الحكم على نفسه بصدق"
"اسوء مكان في الجحيم محجوز لأولئك الذين إلتزموا الحياد في اوقات الازمات الاخلاقية"
"كن راسخ البنيان لا يهز قمتك هبوب اي ريح"
ومضة
يمكننا رؤية القصور الواضح عند رجال الدين النصارى لمفهوم الدين والوحدانية للخالق، فهم يعتقدون انهم اوصياء على الناس ولهم الحق في تصنيفهم و جعلهم في النار والجحيم لاسباب شخصية او احكامهم الخاصة، وهذا بالطبع تطاول على الله عز وجل.
و منفر لاتباع الدين النصراني فلا يبدو الأمر منطقيا ولا مفهوم كيف يمكن لإنسان مثلي أن يحكم علي أني في الجحيم لاسباب شخصية؟