مجتمع غلاك

مجتمع غلاك (https://g-lk.com/vb/index.php)
-   القسم الإسلامي (https://g-lk.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   الصداقة في الاسلام وتحديد الاختيار (https://g-lk.com/vb/showthread.php?t=18287)

أمل الحياة 05-25-2022 11:21 PM

الصداقة في الاسلام وتحديد الاختيار
 

الصداقة في الاسلام وتحديد الاختيار



عنى الإسلام بالصداقات الخاصَّة؛ لما لها من أثر عميق في توجيه النفس والعقل، ولما لها من نتائج مهمَّة فيما يصيب الجماعة كلها من تقدُّم أو تأخُّر، ومن قلق أو اطمئنان.
والإسلام شديد الحرص على أن تكون شعائره العظمى مثابةً يلتقي المسلمون عندها؛ ليتعاونوا على أدائها، مما يشير إلى رغبة الإسلام في تكثير سواد المسلمين، ورؤيتهم حشودًا متضاعفة لا فُرادى منقطعين. وكل اعتزالٍ عن الأُمَّة يفوِّت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو يضعف من شأن الإسلام أمام خصومه، إنما هو جريمة ولا يُقبل من صاحبه عذر.

وعلى المسلم أن يقسِّم وقته بين الخلوة النافعة والاختلاط الحسن؛ ليخرج من الحالين بما يُصلح شأنه كله، وأول شرائط الصحبة الكريمة أن نبرأ من الأغراض، وأن تخلص لوجه الحقِّ، وأن تُولد وتكبر في طريق الإيمان والإحسان، وهو معنى الحبِّ لله؛ لذلك قال r مخاطبًا المتحابِّين في الله: "مَا مِنْ رَجُلَيْنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلاَّ كَانَ أَحَبُّهُمَا إِلَى اللَّهِ أَشَدَّهُمَا حُبًّا لِصَاحِبِهِ"[1].

وقد احتفى الإسلام بهذا النوع من الصداقات النقيَّة، ورغَّب المؤمنين في إخلاصها لله، وجعل له جزيل الثواب، قال r: "إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلاَلِي الْيَوْمَ؟ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّي"[2].

والحب في الله لا يزعمه كل أحد، ولا يصدَّق مِن كلِّ دَعِيٍّ، وهو ليس الإعجاب بموهبة عظيم، أو استلطاف سيرة آخر، وإنما هو خاتمة مراحل تسبقه في مراقي الإيمان.

ولأن أثرَ الصديق في صديقه عميقٌ كان لزامًا على المرء أن ينتقي إخوانه، وأن يختبر حقائقهم؛ حتى يطمئن إلى معدنها، قال r: "الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ؛ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ"[3].

إن الصديق العظيم قد يقود صديقه إلى النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، أمَّا الصديق الغبي المفتون فهو شؤم على صاحبه، يورده موارد الهلكة، فقد قال r: "مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ، لا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ، أَوْ ثَوْبَكَ، أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً"[4].

وينبغي أن يتعارف الأصدقاء حتى يكون تواصلهم عن بيِّنة، وأن يذكر أحدهم للآخر ما يكنُّه له من إعزاز وحُبٍّ، قال r: "إِذَا آخَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَلْيَسْأَلْهُ عَنِ اسْمِهِ، وَاسْمِ أَبِيهِ، وَمِمَّنْ هُوَ؛ فَإِنَّهُ أَوْصَلُ لِلْمَوَدَّةِ"[5]. إذ إن عقد الصداقة كبير القيمة، جليلُ الأثر؛ حتى إنه لَيَكُون مِظنَّة النجدة في الأزمات الطاحنة، ولو كانت هذه الأزمات النجاة من عذاب جهنم.

ونظرًا لما يرتبط بهذه الصداقات من حقوق عظام، قال رسول الله r: "لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا، وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ"[6].
[1]الحاكم (7323) عن أنس بن مالك، بلفظ: "مَا تَحَابَّ رَجُلانِ..." وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: صحيح. والطبراني: المعجم الكبير 20/274، واللفظ له، والمعجم الأوسط 12/15. وقال الألباني: صحيح. انظر: السلسلة الصحيحة (450). [2]مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب في فضل الحب في الله (2566) عن أبي هريرة، وأحمد (7230)، والدارمي (2757)، وابن حبان (574). [3]أبو داود: كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس (4833) عن أبي هريرة، وقال الألباني: حسن. والترمذي (2378)، وقال: هذا حديث حسن غريب. وأحمد (8015)، والحاكم (7320) وقال: حديث أبي الحباب صحيح إن شاء الله تعالى، ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: صحيح إن شاء الله. [4]البخاري: كتاب البيوع، باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع... (1995) عن أبي موسى الأشعري، ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء (2628). [5]الترمذي: كتاب الزهد، باب ما جاء في إعلام الحب (2392) عن يزيد بن نعامة الضبي، قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه. وقال الألباني: ضعيف. انظر: السلسلة الضعيفة (1726). وابن أبي شيبة: المصنف 6/257، والطبراني: المعجم الكبير 16/114. [6] أبو داود: كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس (4832) عن أبي سعيد الخدري، والترمذي (2395)، وقال: هذا حديث حسن، إنما نعرفه من هذا الوجه. وقال الألباني: حسن. انظر: مشكاة المصابيح (5018).

ندى الصباح 05-25-2022 11:24 PM

رد: الصداقة في الاسلام وتحديد الاختيار
 
موضوع راقي جدا كل الشكر

رآنيا 05-26-2022 12:25 AM

رد: الصداقة في الاسلام وتحديد الاختيار
 
موضوع رائع وجميل
سلمتِ وجزاك الله خيرا

~

عبير 05-26-2022 09:30 AM

رد: الصداقة في الاسلام وتحديد الاختيار
 
جزاك الله خير

أمَوآج آلشَرقَيهہْ♥ 05-30-2022 03:26 AM

رد: الصداقة في الاسلام وتحديد الاختيار
 
جزآك ربي جنآت النعيم ..
طرح قيم و هآدف شكرآ لك ..


-


الساعة الآن 09:49 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
adv helm by : llssll
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
بسرقتك لأفكارنا وجهد اعضاءنا أنت تثبت لنا بأننا الأفضل ..~

This Forum used Arshfny Mod by islam servant