كم وددتُ !
تقادمَ عهده بمليكة قلبه ، فمضى صوب ملتقاهما عند شجرة الصفصاف فرأى المقعد خالٍ إلا من بعض الورق المتساقط ، والغبار الذي علاه ! طاف حول الشجرة ، ثم عاد إلى المقعد ومسح الغبار ، وجلس ونظر إلى حرفي اسميهما اللذين نَقَشَتْهُمَا على جذعها الضخم ، اللذين كاد يعفوهما تقادم العهد ! كان الحنينُ يستعرُ بقلبه ، والذكرى تموجُ بين حناياه ، فقال : لا تعلمين كم وددتُ لو غمرتكِ بالقبل من مفرق رأسكِ إلى أخمص قدميكِ وملأتُ رئتيَّ من عبق أنفاسكِ ! ولا تعلمين كم وددتُ لو اجتمعنا تحت شجرة أيكٍ في بستان أفيح وارف الظلال متفتح الأزهار جاري الأنهار مغرد الأطيار فتحتسين الشاي وأحتسي من رضابكِ ما يُنسيني ألم النوى وليال السهاد ثم تقضمين كعكة ثم تناوليني إياها وقد علق بها بعضاً من شهد رضابكِ وعبق أنفاسكِ مع بسمة تعلو محياكِ تفتر عن لآليكِ الغر فأتناولها ترياقًا لنأي طال أمده وسط السعادة التي تكتنفنا ! ولا تعلمين كم تخيَّلْتُ أنه ضمني وإياكِ سقفٌ واحدٌ ، فأداعبُكِ وأغضبُكِ –قاصدًا- فتشيحين فأدير محيَّاكِ العذب فأراكِ مقطِّبَة ، فتقولين : (عزو) وقبل إكمال الجملة أقبِّلُكِ فتنبسطُ أسارير محيَّاكِ العذب الجميل ، فأقبِّلكِ أخرى ، فيفترُّ ثغركِ العذب عن اللآلي ، فأرشفُ شهدها ، ثم أقبِّلُكِ ثالثةً وأتبعها برابعة حتى يُثْملَني الهوى ، ويغيِّبَني الشَّهْدُ ! ثم أطرق برأسه ، وقال : حين تستعر أتن الحنين أعزف عن الطعام كما هو الحال في كلِّ مَرَّةٍ ولكن الذي استجد الآن انصرام الريعان ، تداني الخطى ، إرْهاقُ الكاهلِ ، شيخوخة القلبِ ، إدْنَافُ الجسد ! ثم اتكأ على المقعد ، وأجال ناظره بين أفانين الشجرة والطيور التي تغرِّدُ ، ثم قال : هأنذا أُناجي ذكراكِ ، وأبثُّها تباريح الهوى ، وإدناف الجوى ، وعيناي ترقبان أفول الشمس نحو الغروب ! فهل تأفلُ الشمسُ ويخيِّمُ الغسقُ دون شمسٍ تبزغُ وبدرٍ يكتملُ ونجمٍ يضيءُ ؟! فيما مضى كان أنيسي القلم والتذكر والمضي مع الأماني عنكِ ، أما الآن فقد جفاني القلم وجفوته ، وعزَّتِ الأماني ، ولانتِ القناةُ ، وضَعُفَ الزَّنْدُ ! ثم نهض واتجه إلى جذع الشجرة ومرَّرَ يده على الحرفين ، وقال : لا أؤمن بالكثير من ترهات الفلاسفة ، لكنَّ تفسيرهم للحنين الداهم المفاجئ أبهجني لأنه عنكِ ومنكِ ! ثم نهض ومضى صوب الشمس المائلة للغروب وعيناه لا تريمان عنها ، وهو يقول : سأحتفظُ بتلك الليالي والأيام والحنين المدنف ذكرى أتبلغُ بها في هذا السبيل الوعر ، والوحدة الممضة إلى أن تغرب الشمسُ ويأفلَ القمرُ ، وتغورَ النجومُ ! وليدة اللحظة 19/8/1445 هـ 7:39 مساءً . |
رد: كم وددتُ !
،.
ما شاء الله بوح وليد لحظة عَبِق بعبير الحبّ والحنين نصّ ثري بالمشاعر وبالمفردات الجميله أخي عبدالعزيز صحّ نبضك وسلمَ المداد |
رد: كم وددتُ !
أختي الموقرة راما : مرورٌ أينعتْ له أفانين السرور وجرتْ جداول الأنس (أسعدكِ ربي ورضي عنكِ) .
امتناني الجم . |
رد: كم وددتُ !
ولا تعلمين كم وددتُ لو اجتمعنا تحت شجرة أيكٍ في بستان أفيح وارف الظلال متفتح الأزهار جاري الأنهار مغرد الأطيار فتحتسين الشاي
صدقا ي (عزو ) اخذتنا معك في رحلة الحنين تلك من البدايه حتى النهايه مع انها رحلة حنين موجعه الا انك عبرت عنها بطريقة اكثر من جميله استمتعت بالقراءة جدا عباراتك قويه وبها الكثير من الجرأه واسلوبك يجذبنا للقراءه راقت لي جدا هذا وهي وليدة اللحظه... فكيف ي ترى لو تكن كذلك! تستحق الختم وال 500 نقطه ننتظر المزيد من الابداع |
رد: كم وددتُ !
قلم مبهر ، باذخ بلغته ومفرداته
بداية من العنوان الي تناسب مع الذكرى والتي وضحت مع تعاقب اليطور أنهم تفرقوا قبل أن يعيشوها اتحفظ على الجرأة في النص وهذا طبعا لرأي شخصي لا أكثر والذي فعلا لا يحتاجه النص فجمالية اللغة والمشاعر هنا تكفي واكثر تحياتي ^^ |
رد: كم وددتُ !
استغفر الله العظيم ! ثم عذرًا إليكم جميعًا ، فقد كُتبتْ في لحظة ضعف ، مع أن كتب الأدب تزخرُ بمثل هذه المعاني !
|
كم وددتُ !
فضلًا استبدال النص بهذا مع وافر الشكر والتقدير (ليس لدي خانة التعديل) !
تقادمَ عهده بمليكة قلبه ، فمضى صوب ملتقاهما عند شجرة الصفصاف فرأى المقعد خالٍ إلا من بعض الورق المتساقط ، والغبار الذي علاه ! طاف حول الشجرة ، ثم عاد إلى المقعد ومسح الغبار ، وجلس ونظر إلى حرفي اسميهما اللذين نَقَشَتْهُمَا على جذعها الضخم ، اللذين كاد يعفوهما تقادم العهد ! كان الحنينُ يستعرُ بقلبه ، والذكرى تموجُ بين حناياه ، فقال : لا تعلمين كم وددتُ لو غمرتكِ بالقبل من مفرق رأسكِ إلى أخمص قدميكِ وملأتُ رئتيَّ من عبق أنفاسكِ ! ولا تعلمين كم وددتُ لو اجتمعنا تحت شجرة أيكٍ في بستان أفيح وارف الظلال متفتح الأزهار جاري الأنهار مغرد الأطيار فتحتسين الشاي وأحتسي من رضابكِ ما يُنسيني ألم النوى وليال السهاد ثم تقضمين كعكة ثم تناوليني إياها وقد علق بها بعضاً من شهد رضابكِ وعبق أنفاسكِ مع بسمة تعلو محياكِ تفتر عن لآليكِ الغر فأتناولها ترياقًا لنأي طال أمده وسط السعادة التي تكتنفنا ! ولا تعلمين كم تخيَّلْتُ أنه ضمني وإياكِ سقفٌ واحدٌ ، فأداعبُكِ وأغضبُكِ –قاصدًا- فتشيحين فأدير محيَّاكِ العذب فأراكِ مقطِّبَة ، فتقولين : (عزو ترى بأعطيك كف) فينساب صوتُكِ العذب في قلبي وروحي انسياب الطمأنينة في قلب المؤمن ، وأقول : سأهواكِ وإن بلغتِ من العمر عتيًّا ! فرؤيتكِ بلسمُ الجسد المدنف ، ووصلكِ أنسُ القلبِ الـمُوحشِ ، ويدكِ حين تضعينها على قلبي ترياق الحمم فيه ، ومزامير صوتكِ بهجة يومه ! ثم ابتسم ، وقال : حين أفيقُ أراني وحيدًا دونكِ أكابدُ هجرًا يفوقُ احتمالي ، وحنينًا لا قبل لي به ! وضع يده على وجهه ، وأطرق برأسه وقال : حين تستعر أتن الحنين أعزف عن الطعام كما هو الحال في كلِّ مَرَّةٍ ولكن الذي استجد الآن انصرام الريعان ، تداني الخطى ، إرْهاقُ الكاهلِ ، شيخوخة القلبِ ، إدْنَافُ الجسد ! ثم اتكأ على المقعد ، وأجال ناظره بين أفانين الشجرة والطيور التي تغرِّدُ ، ثم قال : هأنذا أُناجي ذكراكِ ، وأبثُّها تباريح الهوى ، وإدناف الجوى ، وعيناي ترقبان أفول الشمس نحو الغروب ! فهل تأفلُ الشمسُ ويخيِّمُ الغسقُ دون شمسٍ تبزغُ وبدرٍ يكتملُ ونجمٍ يضيءُ ؟! فيما مضى كان أنيسي القلم والتذكر والمضي مع الأماني عنكِ ، أما الآن فقد جفاني القلم وجفوته ، وعزَّتِ الأماني ، ولانتِ القناةُ ، وضَعُفَ الزَّنْدُ ! ثم نهض واتجه إلى جذع الشجرة ومرَّرَ يده على الحرفين ، وقال : لا أؤمن بالكثير من ترهات الفلاسفة ، لكنَّ تفسيرهم للحنين الداهم المفاجئ أبهجني لأنه عنكِ ومنكِ ! ثم اتكأ على الجذع ، وقال : مليكة قلبي : بضَّعْتُ قلبي في إثر الراحلين ، أما آن لكِ أن تلمِّي أشتاته وتُسكني بلابله ، وتُخمدي أجيج حنينه ؟! مليكة قلبي : ها هو عزُّو أسفل شجرة الملتقى العزيزة على قلبه المتأصلة فيه ، يبسطُ حنينه ، ومقه ، دنفه ، أعذاره ! فعودي فما عاد في العمر بقيَّةٌ لهجرٍ ، ولا في القلب متَّسعٌ لحنين ! ثم نهض ومضى صوب الشمس المائلة للغروب وعيناه لا تريمان عنها ، وهو يقول : سأحتفظُ بتلك الليالي والأيام والحنين المدنف ذكرى أتبلغُ بها في هذا السبيل الوعر ، والوحدة الممضة إلى أن تغرب الشمسُ ويأفلَ القمرُ ، وتغورَ النجومُ ! وليدة اللحظة 19/8/1445 هـ 7:39 مساءً . |
رد: كم وددتُ !
الموقرة ذات نقاء : مرورٌ أبهجُ للقلب من هطول الغيث وارتداء الأرض أثوابها السندسية (أسعدكِ ربي ورضي عنكِ) .
ممتنٌّ . |
رد: كم وددتُ !
الموقرة نجمة : مرورٌ ينساب انسياب الأثير المضمخ بالمسك (أسعدكِ ربي ورضي عنكِ) .
ممتنٌّ . |
رد: كم وددتُ !
تذوق اللعاب شيء جدا مقرف ما حالة هذا المحب المتعطش .. 🤢
لكن واضح ان حالات العشق المجنونة تفعل أكثر من ذلك .. المفترض العاشق المتيتم الذي لايشبع من حب زوجته ويريد ان يمتلكها ويتملكها المفترض ان يقطع علاقاته بكل من حوله ويختلي فقط بزوجته ويمارس معها كل ماقمت بكتابته أنت .. |
رد: كم وددتُ !
اقتباس:
* من الواضح من ردِّكَ ضحالة معرفتكَ وقلة اطلاعكَ على كتب السيرة وخلافها ! |
رد: كم وددتُ !
اقتباس:
... نعم أنا جاهل ولا أعرف الكثير .. لكن ....................... هل يجب أن أطلع على كتب السيرة حتى أكون من متذوقي الرضاب وأستحسن فكرته وتجريب مذاقه وأكتب كما تكتب أنت عنه من الواضح أنك عاشق وتهوى النساء لدرجة الجنون وتكتب ما تريد أن تكتبه |
رد: كم وددتُ !
حينما ادخل اي موضوع لك
اكون قبلها متأكدة بإني سأقرأ نصًا باذخ الجمال قصة جميلة عبرت فيها عن مشاعر عميقة وحنين لذكريات وحب مفقود اسلوبك شعري وغني بالصور البلاغية وكما عهدناك تبدع جدًا في تعزيز وقع الاحساسيس على القارئ احببت الخاتمة دمت رائعًا استاذي الكريم عبدالعزيز ~ |
الساعة الآن 11:02 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
adv helm by : llssll
مجتمع ريلاكس
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
بسرقتك لأفكارنا وجهد اعضاءنا أنت تثبت لنا بأننا الأفضل ..~