المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوكل على الله


سُهاد!
05-28-2020, 03:10 AM
" بسم الله الرحمن الرحيم "

كل من سار في هذه الدنيا ووطأت قدمه الثرى يحتاج إلى من يعينه وينصره، ويحتاج إلى من يتوكل عليه وينصرف بقلبه إليه.

ولهذا كان التوكل على الله والاعتماد عليه في جلب المنافع ودفع المضار، وحصول الأرزاق، والنصر على الأعداء، وشفاء المرضى وغير ذلك من أهم المهمات وأوجب الواجبات، وهو من صفات المؤمنين، ومن شروط الإيمان، ومن أسباب قوة القلب ونشاطه، وطمأنينة النفس وسكينتها وراحتها.

والآيات في الأمر بوجوب التوكل على الله، والحث عليه في كتاب الله عز وجل كثيرة منها قوله: { وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [المائدة:23] وقوله تعإلى: { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ } [آل عمران:159] وقال عز من قائل في صفات المؤمنين: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [الأنفال:2].

وفي الحديث الصحيح المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه يدخل الجنة من أمته سبعون ألفاً لا حساب عليهم ثم قال في وصفهم: { هم الذين لا يتطيرون، ولا يسترقون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون }.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد حين قالوا: { إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } [آل عمران:173] ) [رواه البخاري].

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً - جياعاً - وتروح بطاناً - شباعاً »
[رواه أحمد والترمذي].


حقيقة التوكل

قال ابن رجب: ( هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح، ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة وكِلَة الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه ).

وقال ابن القيّم: ( التوكل: نصف الدين. والنصف الثاني: الإنابة، فإن الدين: استعانة وعبادة. فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة. ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها. ولا تزال معمورة بالنازلين. لسعة متعلق التوكل، وكثرة حوائج العالمين، فأولياؤه وخاصته يتوكلون عليه في الإيمان، ونصرة دينه، وإعلاء كلمته، وجهاد أعدائه وفي محابه وتنفيذه أوامره ).

وقال الحسن: ( إن توكل العبد على ربه أن يعلم أن الله هو ثقته ).

قال سعيد بن جبير: ( التوكل جماع الإيمان ).

وقال بعض السلف: ( من سرّّه أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله ).

وقال سالم بن أبي الجعد: ( حُدّثت أن عيسى عليه السلام كان يقول: اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم، وإياكم وفضول الدنيا، فإن فضول الدنيا عند الله رجز، هذه طير السماء تغدو وتروح ليس معها من أرزاقها شيء لا تحرث ولا تحصد الله يرزقها ).

اعلم أن التوكل على الله أعم من أن يكون في تحصيل المال ومصالح الدنيا، بل هناك ما هو أعظم من ذلك وأنفع للعبد.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( إن التوكل أعم من التوكل في مصالح الدنيا، فإن المتوكل يتوكل على الله في صلاح قلبه وبدنه، وحفظ لسانه وإرادته وهذا أهم الأمور إليه، ولهذا يناجي ربه في كل صلاة بقوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة:5] ).


فهم خاطئ للتوكل

قد يظن بعض الناس أن معنى التوكل ترك الكسب بالبدن، وترك التدبير بالقلب، والسقوط على الأرض كالخرقة، وهذا ظن الجهال، وحرام في الشرع. ولا شك أن ترك التكسب ليس من التوكل في شيء إنما هو من فعل المبطلين الذي آثروا الراحة، وتعللوا بالتوكل.

قال ابن رجب: ( واعلم أن تحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدّر الله سبحانه المقدورات بها، وجرت سنته في خلقه بذلك، فإن الله تعإلى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكل، فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له، والتوكل بالقلب إيمان به، كما قال تعإلى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ [النساء:71]، وقال: { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ } [الأنفال:60]، وقال: { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ } [الجمعة:10] ).

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، أعقلها وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ قال: « اعقلها وتوكل » [أخرجه الترمذي].

قال معاوية بن قرة: ( لقي عمربن الخطاب ناساً من أهل اليمن، فقال من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: ( بل أنتم المتآكلون، إنما المتوكل الذي يلقي حبة في الأرض، ويتوكل على الله عز وجل ) ).

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ( وكان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن متوكلون، فيحجون، فيأتون أهل مكة، فيسألون الناس، فأنزل الله: { وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } [البقرة:197] ) [رواه البخاري].

التوكل عند المسلم هو إذاً عملٌ وأملٌ، مع هدوء قلب، وطمأنينة نفس، واعتقاد جازم بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

والناس مع التوكل ثلاثة أنواع:

الأول: من تواكل وقعد عن العمل ولم يأخذ بالأسباب وهذا مخالف لسنة الله عز وجل في الكون.

الثاني: من قام بالأسباب وترك التوكل وهؤلاء الماديون وأتباعهم.

الثالث: أهل الحق من قاموا بالأسباب وتوكلوا على الله عز وجل. وهذا هو طريق الرسل والأنبياء ومن تبعهم بإحسان، فهم يعملون للجنة ويتوكلون على الله، ويعملون في مصالحهم وهم متوكلون على الله، ويجاهدون وهم مستعدون متوكلون.

قال النبي صلى الله عليه وسلم : « المؤمن القويّ أحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان » [رواه مسلم].

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قال - يعني إذا خرج من بيته - بسم الله توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: هُديت ووُقيت، وكُفيت، وتنحى عنه الشيطان » [رواه أبو داود والترمذي]، وزاد أبو داود: { فيقول - يعني الشيطان - كيف برجل قد هُدي وكُفي ووُقي؟ }.

جعلنا الله من المتوكلين على الله حق التوكل. ورزقنا الإنابة والخضوع والحاجة له وحده دون ما سواه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله صحبه أجمعين .

المصدر ... مطويه من دار القاسم.
م / ن

رآنيا
05-28-2020, 03:31 AM
والتوكل على الله معناه في الأصل أن يفوض العبد أمره لله ويسلم حاله له وأن يعتمد على ربه في قضاءِ حاجته ويثق به
نسأل الله ان يجعلنا توكلنا خالصًا له وان يكون معنا في جميع امورنا

جزاك الله خير الجزاء يالغلا وبورك فيك

~

سُهاد!
05-28-2020, 03:36 AM
أمين يارب

شكراً لك رآنيا

تواجدك أسعدني ..:11:

يٌحَكى أنْ!؟...
05-28-2020, 05:00 AM
ونعم ب الله ’
بارك الله فيك الخالق على قيمة الطرح الرائع
الله ينور دربك ب الإيمان
لجهودك كل الشكر والتقدير
:128: تحياتي

تساهيل
05-28-2020, 06:24 PM
يعطيك الف عافيه
سلمت
تحياتي لك

-

سُهاد!
05-29-2020, 03:03 PM
شكرا على مروركم اسعدني كثير

نورتم
:11:

ملآئكيه
05-29-2020, 07:27 PM
جَزآكــ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ ..،
جَعَلَ يومَكــ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُ الله في مُوآزيَنَ آعمآلَك

سُهاد!
05-31-2020, 06:06 PM
ملائكيه نورتي واسعدتني بوجودك والله
:):11:

قصيَميَہ رٍزهہَ♚
06-02-2020, 03:41 PM
-


آلله يجزآك خير ويكتب آجرك..:162:

۩۞۩ رآقـيے بطبعيے ۩۞۩
06-05-2020, 09:35 PM
.
.

.

http://www.roh-fa.com/storeimg/img_1440186598_622.gif
سـلــمُ لـنــاهـذُآ الـــذوُوُق..
الذُي يقطفُ لنا..
وسلم لنا هذا القلم المميز
آجمًل العبارات وٌآروعهـــاآ..
ما ننحرُم منُ ذآئقتُك الجميلهُ والمميزهُ..
تحية عطرة ل روحك الجميلة
شكراً لك من القلب على هذآ العطاء
ل روحك الجووري
بانتظار جديدكِ بشوق
https://abs.twimg.com/emoji/v2/72x72/2615.pnghttps://abs.twimg.com/emoji/v2/72x72/1f339.pnghttps://abs.twimg.com/emoji/v2/72x72/1f1f0-1f1fc.pnghttps://abs.twimg.com/emoji/v2/72x72/1f343.png
http://www.7ophamsa.com/up/uploads/1560185111671.gif

.



.

تمنى
06-07-2020, 02:51 AM
جزاك الله خيرا
سَلِمَتْ يدآك على رَوْعَة الطَّرْحْ
اسأل البآري لك سعآدة دائمة
وِدِّي وتقْدِيري

ابو الملكات
06-19-2020, 01:41 PM
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب

أمَوآج آلشَرقَيهہْ♥
06-19-2020, 11:38 PM
جزاك ربي جنآت النعيم ..
في ميزآن حسناتك ي رب ..


-

موفي الوافي
06-20-2020, 12:37 AM
جزاك الله خير
كلام شافي وكافي
واهديك معلومه
ان التوكل سر بين العبد وربه
ومن اضهر توكله فهو متواكل
الناس تشفق عليه وتعطيه
وبعد ابو الانبياء ابراهيم عليه السلام
قال لجبريل عليه السلام ويعتبر اكبر سبب نفع
من الله بعد مع ذالك قال اما منك فلا واما من الله
فحسبي الله وكفى هنا اعلى مراتب التوكل ما ارسل الماء
كسبب يطفئ النار هي نفسها النار جنه هو خالقها وخصائصها
وتوكل مريم ياتيها زكريا وهي في المحراب عليهم السلام
انا لكي هذا يامريم قالت هو من عند الله
لكن لمى ضعف التوكل انا يكون لي غلام ولم يمسسني بشر
هنا جاء الامر ان هزي اليك بجذع النخله اول
ما احتاجت الى هززالمحراب
والله يقبلك ويرزقنا حقيقة ما نقول
اسف على الإطاله

ليلى
06-24-2020, 11:11 PM
جزاك المولى خير الجزاء ونفع بك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل إلا ظله
وعمر الله قلبك بالإيمان
على طرحك المحمل بنفحات إيمانية
تحيتي لك

شهد محمد
06-27-2020, 04:13 PM
جزاك الله خير
وعساك على القوه

قصيَميَہ رٍزهہَ♚
06-29-2020, 11:36 AM
-


آلله يجزآك خير ويكتب آجرك..
وردي..:150: