درة
05-09-2020, 06:15 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أروع قصة قصيرة في تاريخ اﻷدب العالمي ..
للكاتب الروسي انطون شيخوف :
منذ أيام دعوتُ الى غرفة مكتبي مربّية أوﻻدي ( يوليا فاسيليفنا ) لكي أدفع لها حسابها
- قلت لها : إجلسي يا يوليا … هيّا نتحاسب … أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود ولكنك خجولة إلى درجة انك لن تطلبينها بنفسك .. حسناً .. لقد اتفقنا على أن أدفع لك ( ثﻼثين روبﻼً ) في الشهر
- قالت : أربعين
- قلت : كﻼ .. ثﻼثين .. هذا مسجل عندي … كنت دائما أدفع للمربيات ( ثﻼثين روبﻼً ) …
- حسناً
- لقد عملت لدينا شهرين
- قالت : شهرين وخمسة أيام
- قلت : شهرين بالضبط .. هذا مسجل عندي .. إذن تستحقين ( ستين روبﻼً ) ..
نخصم منها تسعة أيام آحاد .. فأنت لم تعلّمي ( كوليا ) في أيام اﻵحاد بل كنت تتنزهين معهم فقط .. ثم ثﻼثة أيام أعياد .
تضرج وجه ( يوليا فاسيليفنا ) وعبثت أصابعها بأهداب الفستان ولكن لم تنبس بكلمة
واصلتُ …
- نخصم ثﻼثة أعياد إذن المجموع ( إثنا عشر روبﻼً ) .. وكان ( كوليا ) مريضاً أربعة أيام ولم تكن يدرس .. كنت تدرّسين لـ ( فاريا ) فقط .. وثﻼثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء .. إذن إثنا عشر زائد سبعة .. تسعة عشر .. نخصم ، الباقي .. ( واحد وأربعون روبﻼً ) .. مضبوط ؟
- إحمرّت عين ( يوليا فاسيليفنا ) اليسرى وامتﻸت بالدمع ، وارتعش ذقنها .. وسعلت بعصبية وتمخطت ، ولكن … لم تنبس بكلمة
- قلت : قبيل رأس السنة كسرتِ فنجاناً وطبقاً .. نخصم ( روبلين ) .. الفنجان أغلى من ذلك فهو موروث ، ولكن فليسامحك الله !! علينا العوض .. وبسبب تقصيرك تسلق ( كوليا ) الشجرة ومزق سترته .. نخصم عشرة .. وبسبب تقصيرك أيضا سرقتْ الخادمة من ( فاريا ) حذاء .. ومن واجبكِ أن ترعي كل شيء فأنتِ تتقاضين مرتباً .. وهكذا نخصم أيضا خمسة .. وفي 10 يناير أخذتِ مني ( عشرة روبﻼت )
- همست ( يوليا فاسيليفنا ) : لم آخذ
- قلت : ولكن ذلك مسجل عندي
- قالت : حسناً، ليكن
- واصلتُ : من واحد وأربعين نخصم سبعة وعشرين .. الباقي أربعة عشر
امتﻸت عيناها اﻻثنتان بالدموع .. وظهرت حبات العرق على أنفها الطويل الجميل .. يا للفتاة المسكينة
- قالت بصوت متهدج : أخذتُ مرةً واحدةً .. أخذت من حرمكم ( ثﻼثة روبﻼت ) .. لم آخذ غيرها
- قلت : حقا ؟ .. انظري وانا لم أسجل ذلك !! نخصم من اﻷربعة عشر ثﻼثة .. الباقي أحد عشر .. ها هي نقودك يا عزيزتي !! ثﻼثة .. ثﻼثة .. ثﻼثة .. واحد ، واحد .. تفضلي .
ومددت لها ( أحد عشر روبﻼً ) ..
فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة .. وهمست : شكراً
انتفضتُ واقفاً واخذتُ أروح وأجيء في الغرفة واستولى عليّ الغضب
- سألتها : شكراً على ماذا ؟
- قالت : على النقود
- قلت : يا للشيطان ولكني نهبتك .. سلبتك .. ! لقد سرقت منك .. ! فعﻼم تقولين شكراً ؟
- قالت : في أماكن أخرى لم يعطوني شيئاً
- قلت : لم يعطوكِ ؟ ! أليس هذا غريبا ! ؟ لقد مزحتُ معك .. لقنتك درساً قاسياً ..
سأعطيك نقودك .. ( الثمانين روبﻼً ) كلها .. ها هي في المظروف جهزتها لكِ !! ولكن هل يمكن أن تكوني عاجزة الى هذه الدرجة ؟ لماذا ﻻ تحتجّين ؟ لماذا تسكتين ؟ هل يمكن في هذه الدنيا أﻻّ تكوني حادة اﻷنياب ؟ هل يمكن ان تكوني مغفلة إلى هذه الدرجة ؟
- ابتسمتْ بعجز فقرأت على وجهها : “ يمكن ”
- سألتُها الصفح عن هذا الدرس القاسي وسلمتها ، بدهشتها البالغة ، ( الثمانين روبﻼً ) كلها .. فشكرتني بخجل وخرجت
تطلعتُ في أثرها وفكّرتُ : ما أبشع أن تكون ضعيفاً في هذه الدنيا .
أروع قصة قصيرة في تاريخ اﻷدب العالمي ..
للكاتب الروسي انطون شيخوف :
منذ أيام دعوتُ الى غرفة مكتبي مربّية أوﻻدي ( يوليا فاسيليفنا ) لكي أدفع لها حسابها
- قلت لها : إجلسي يا يوليا … هيّا نتحاسب … أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود ولكنك خجولة إلى درجة انك لن تطلبينها بنفسك .. حسناً .. لقد اتفقنا على أن أدفع لك ( ثﻼثين روبﻼً ) في الشهر
- قالت : أربعين
- قلت : كﻼ .. ثﻼثين .. هذا مسجل عندي … كنت دائما أدفع للمربيات ( ثﻼثين روبﻼً ) …
- حسناً
- لقد عملت لدينا شهرين
- قالت : شهرين وخمسة أيام
- قلت : شهرين بالضبط .. هذا مسجل عندي .. إذن تستحقين ( ستين روبﻼً ) ..
نخصم منها تسعة أيام آحاد .. فأنت لم تعلّمي ( كوليا ) في أيام اﻵحاد بل كنت تتنزهين معهم فقط .. ثم ثﻼثة أيام أعياد .
تضرج وجه ( يوليا فاسيليفنا ) وعبثت أصابعها بأهداب الفستان ولكن لم تنبس بكلمة
واصلتُ …
- نخصم ثﻼثة أعياد إذن المجموع ( إثنا عشر روبﻼً ) .. وكان ( كوليا ) مريضاً أربعة أيام ولم تكن يدرس .. كنت تدرّسين لـ ( فاريا ) فقط .. وثﻼثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء .. إذن إثنا عشر زائد سبعة .. تسعة عشر .. نخصم ، الباقي .. ( واحد وأربعون روبﻼً ) .. مضبوط ؟
- إحمرّت عين ( يوليا فاسيليفنا ) اليسرى وامتﻸت بالدمع ، وارتعش ذقنها .. وسعلت بعصبية وتمخطت ، ولكن … لم تنبس بكلمة
- قلت : قبيل رأس السنة كسرتِ فنجاناً وطبقاً .. نخصم ( روبلين ) .. الفنجان أغلى من ذلك فهو موروث ، ولكن فليسامحك الله !! علينا العوض .. وبسبب تقصيرك تسلق ( كوليا ) الشجرة ومزق سترته .. نخصم عشرة .. وبسبب تقصيرك أيضا سرقتْ الخادمة من ( فاريا ) حذاء .. ومن واجبكِ أن ترعي كل شيء فأنتِ تتقاضين مرتباً .. وهكذا نخصم أيضا خمسة .. وفي 10 يناير أخذتِ مني ( عشرة روبﻼت )
- همست ( يوليا فاسيليفنا ) : لم آخذ
- قلت : ولكن ذلك مسجل عندي
- قالت : حسناً، ليكن
- واصلتُ : من واحد وأربعين نخصم سبعة وعشرين .. الباقي أربعة عشر
امتﻸت عيناها اﻻثنتان بالدموع .. وظهرت حبات العرق على أنفها الطويل الجميل .. يا للفتاة المسكينة
- قالت بصوت متهدج : أخذتُ مرةً واحدةً .. أخذت من حرمكم ( ثﻼثة روبﻼت ) .. لم آخذ غيرها
- قلت : حقا ؟ .. انظري وانا لم أسجل ذلك !! نخصم من اﻷربعة عشر ثﻼثة .. الباقي أحد عشر .. ها هي نقودك يا عزيزتي !! ثﻼثة .. ثﻼثة .. ثﻼثة .. واحد ، واحد .. تفضلي .
ومددت لها ( أحد عشر روبﻼً ) ..
فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة .. وهمست : شكراً
انتفضتُ واقفاً واخذتُ أروح وأجيء في الغرفة واستولى عليّ الغضب
- سألتها : شكراً على ماذا ؟
- قالت : على النقود
- قلت : يا للشيطان ولكني نهبتك .. سلبتك .. ! لقد سرقت منك .. ! فعﻼم تقولين شكراً ؟
- قالت : في أماكن أخرى لم يعطوني شيئاً
- قلت : لم يعطوكِ ؟ ! أليس هذا غريبا ! ؟ لقد مزحتُ معك .. لقنتك درساً قاسياً ..
سأعطيك نقودك .. ( الثمانين روبﻼً ) كلها .. ها هي في المظروف جهزتها لكِ !! ولكن هل يمكن أن تكوني عاجزة الى هذه الدرجة ؟ لماذا ﻻ تحتجّين ؟ لماذا تسكتين ؟ هل يمكن في هذه الدنيا أﻻّ تكوني حادة اﻷنياب ؟ هل يمكن ان تكوني مغفلة إلى هذه الدرجة ؟
- ابتسمتْ بعجز فقرأت على وجهها : “ يمكن ”
- سألتُها الصفح عن هذا الدرس القاسي وسلمتها ، بدهشتها البالغة ، ( الثمانين روبﻼً ) كلها .. فشكرتني بخجل وخرجت
تطلعتُ في أثرها وفكّرتُ : ما أبشع أن تكون ضعيفاً في هذه الدنيا .