مولانا
08-09-2025, 09:05 PM
https://h.top4top.io/p_3508sq92p1.jpg (https://top4top.io/)
الرسالة التي جاءت بعد منتصف الليل
الساعة كانت الثالثة فجراً. ذلك الوقت الذي ينهار فيه العالم في صمت، وتصبح كل الأصوات ناعمة كأنها تأتي من تحت وسادة سميكة. كنت أستيقظ بين الحين والآخر بلا سبب، أفتح هاتفي لأقتل الدقائق حتى يهاجمني النوم مجددًا.
لكن تلك الليلة… لم يكن الأمر عابرًا.
إشعار «واتساب» من رقم لا أعرفه، وصورة شخصية غامضة: ظل امرأة عند البحر.
فتحت الرسالة:
"كنت أبحث عنك منذ سبع سنوات… أخيرًا وجدتك."
قرأت الجملة مرتين، ثم ثلاثًا. هناك شيء في تلك الكلمات جعل معدتي تنقبض. ليست مجرد رسالة خطأ أو مزحة سخيفة… كانت أشبه بمفتاح لباب صدئ في عقلي، ظل مغلقًا منذ زمن بعيد.
كتبت:
"من أنتِ؟"
بعد دقيقتين جاء الرد:
"أنا… التي تركتها تمشي وحيدة في المطر، وذهبت."
هنا… توقف الزمن لحظة.
المشهد عاد أمامي بوضوح مَرَضي:
ليلة ممطرة قبل سبع سنوات، محطة أتوبيس صغيرة، مصابيح شاحبة، وفتاة ترتجف وهي تحاول إخفاء وجهها خلف شال رمادي. كنت هناك، على بعد خطوات منها، عرفت أن شيئًا في تلك الليلة كان يتوسل إليّ أن أقترب، أن أقول شيئًا، أي شيء… لكنني كنت جبانًا بشكل مثالي.
كنت حينها غارقًا في بئر نفسي، أهرب من أي مسؤولية، من أي شعور قد يربكني. فاستدرت ومشيت. لم أنظر خلفي حتى لا أرى خيبة الأمل في عينيها.
لم أرها بعدها… واعتبرت أن الأمر انتهى، كما تنتهي كل الفصول السيئة في حياتنا: بصمت غير بطولي.
أرسلت:
"لم أنسَ تلك الليلة… لكن لماذا الآن؟"
الرد جاء سريعًا، وكأنها كتبت الجملة قبل أن أطرح السؤال:
"لأنني أريد أن أعرف… لو عاد المطر الليلة، هل ستتركني أم ستأتي؟"
تسارعت أنفاسي. كنت أشعر أن كلماتي التالية ستحدد إن كنت سأظل الرجل الذي هرب، أم شخصًا آخر تمامًا.
كتبت:
"أين أنتِ الآن؟"
بعد ثوانٍ، وصلني موقع على الخريطة. المكان كان على بعد عشر دقائق فقط من شقتي… عند محطة أتوبيس قديمة، بجوار مقهى لا ينام.
ارتديت معطفي بسرعة، وخرجت. الشوارع كانت شبه خالية، والهواء يحمل رائحة المطر قبل أن يسقط.
كل خطوة كانت تفتح في ذاكرتي بابًا لم أجرؤ على الاقتراب منه لسنوات.
لماذا اختارت الليلة بالذات؟ لماذا لم تحاول أن تكتب لي من قبل؟
وهل سأجدها فعلاً… أم أنني ألاحق شبحًا؟
عندما وصلت، رأيتها.
كانت تقف في نفس المكان تقريبًا، تحت عمود الإنارة، والشال الرمادي حول رقبتها، لكن ملامحها أصبحت أكثر نضجًا. عيناها كانتا أكثر قوة، ولكن فيهما نفس اللمعة القديمة… لمعة تقول: أنا أتذكر.
اقتربتُ ببطء. شعرت أن كل صوت في العالم اختفى إلا صوت خطواتي وصوت المطر الذي بدأ يتساقط.
ابتسمت هي وقالت:
"تأخرت سبع سنوات."
لم أجد ما أقول. مددت يدي نحوها، فمدت يدها دون تردد.
وعندما لمسَت أصابعي أصابعها، شعرت أنني لم أمسك يدها فقط… بل أمسكت نسخة ضائعة من نفسي.
بدأ المطر ينهمر بغزارة، فابتسمت هي وقالت وهي تنظر للأعلى:
"الفرصة الثانية نادرة… لا تفرط فيها."
وهذه المرة… لم أتركها.
الرسالة التي جاءت بعد منتصف الليل
الساعة كانت الثالثة فجراً. ذلك الوقت الذي ينهار فيه العالم في صمت، وتصبح كل الأصوات ناعمة كأنها تأتي من تحت وسادة سميكة. كنت أستيقظ بين الحين والآخر بلا سبب، أفتح هاتفي لأقتل الدقائق حتى يهاجمني النوم مجددًا.
لكن تلك الليلة… لم يكن الأمر عابرًا.
إشعار «واتساب» من رقم لا أعرفه، وصورة شخصية غامضة: ظل امرأة عند البحر.
فتحت الرسالة:
"كنت أبحث عنك منذ سبع سنوات… أخيرًا وجدتك."
قرأت الجملة مرتين، ثم ثلاثًا. هناك شيء في تلك الكلمات جعل معدتي تنقبض. ليست مجرد رسالة خطأ أو مزحة سخيفة… كانت أشبه بمفتاح لباب صدئ في عقلي، ظل مغلقًا منذ زمن بعيد.
كتبت:
"من أنتِ؟"
بعد دقيقتين جاء الرد:
"أنا… التي تركتها تمشي وحيدة في المطر، وذهبت."
هنا… توقف الزمن لحظة.
المشهد عاد أمامي بوضوح مَرَضي:
ليلة ممطرة قبل سبع سنوات، محطة أتوبيس صغيرة، مصابيح شاحبة، وفتاة ترتجف وهي تحاول إخفاء وجهها خلف شال رمادي. كنت هناك، على بعد خطوات منها، عرفت أن شيئًا في تلك الليلة كان يتوسل إليّ أن أقترب، أن أقول شيئًا، أي شيء… لكنني كنت جبانًا بشكل مثالي.
كنت حينها غارقًا في بئر نفسي، أهرب من أي مسؤولية، من أي شعور قد يربكني. فاستدرت ومشيت. لم أنظر خلفي حتى لا أرى خيبة الأمل في عينيها.
لم أرها بعدها… واعتبرت أن الأمر انتهى، كما تنتهي كل الفصول السيئة في حياتنا: بصمت غير بطولي.
أرسلت:
"لم أنسَ تلك الليلة… لكن لماذا الآن؟"
الرد جاء سريعًا، وكأنها كتبت الجملة قبل أن أطرح السؤال:
"لأنني أريد أن أعرف… لو عاد المطر الليلة، هل ستتركني أم ستأتي؟"
تسارعت أنفاسي. كنت أشعر أن كلماتي التالية ستحدد إن كنت سأظل الرجل الذي هرب، أم شخصًا آخر تمامًا.
كتبت:
"أين أنتِ الآن؟"
بعد ثوانٍ، وصلني موقع على الخريطة. المكان كان على بعد عشر دقائق فقط من شقتي… عند محطة أتوبيس قديمة، بجوار مقهى لا ينام.
ارتديت معطفي بسرعة، وخرجت. الشوارع كانت شبه خالية، والهواء يحمل رائحة المطر قبل أن يسقط.
كل خطوة كانت تفتح في ذاكرتي بابًا لم أجرؤ على الاقتراب منه لسنوات.
لماذا اختارت الليلة بالذات؟ لماذا لم تحاول أن تكتب لي من قبل؟
وهل سأجدها فعلاً… أم أنني ألاحق شبحًا؟
عندما وصلت، رأيتها.
كانت تقف في نفس المكان تقريبًا، تحت عمود الإنارة، والشال الرمادي حول رقبتها، لكن ملامحها أصبحت أكثر نضجًا. عيناها كانتا أكثر قوة، ولكن فيهما نفس اللمعة القديمة… لمعة تقول: أنا أتذكر.
اقتربتُ ببطء. شعرت أن كل صوت في العالم اختفى إلا صوت خطواتي وصوت المطر الذي بدأ يتساقط.
ابتسمت هي وقالت:
"تأخرت سبع سنوات."
لم أجد ما أقول. مددت يدي نحوها، فمدت يدها دون تردد.
وعندما لمسَت أصابعي أصابعها، شعرت أنني لم أمسك يدها فقط… بل أمسكت نسخة ضائعة من نفسي.
بدأ المطر ينهمر بغزارة، فابتسمت هي وقالت وهي تنظر للأعلى:
"الفرصة الثانية نادرة… لا تفرط فيها."
وهذه المرة… لم أتركها.