مولانا
07-27-2025, 12:51 PM
في مَهبّ الذكرى...
ما أشدَّ ما تصنعه الذكرى حين تهبُّ على القلب كما تهبّ الريح على ورقٍ قديم...
تبعثره، تقلبه، وتعيدنا إلى هناك... إلى حيث كنّا مع مَن كانوا، فصاروا الآن في عُهدة الغياب.
لقد مضوا، أجل،
مضَوا كما تمضي النجوم حين تطفئها السماء، بلا وداعٍ ولا التفاتةٍ أخيرة.
لكنهم – يا صاحبي – لم يغادروا تمامًا،
ما زالوا يسكنون الظلّ، ويتكئون على أهداب الصباح، ويَخطرون في وجوه العابرين… كلّما نَظرنا إلى الدنيا بعينٍ باكية.
لم يكونوا أصدقاء فقط،
بل كانوا أوطانًا صغيرةً نمشي إليها كلما ضاقت بنا الدروب.
كانوا كالدفء في الشتاء،
كصوت الأمّ في الغربة،
كلمة "أنا هنا" حين لا يقولها أحد.
وها نحنُ، لا نملك إلا الذكرى،
نُمسك بها كما يُمسك العطشانُ بكأسٍ فارغ، يروي به خياله.
نمشي على دروبٍ مشيناها معهم،
نُحدّق في المقاعد التي جلسوا عليها،
ونُحدّث أنفسنا: هنا ضحك، وهنا حكى، وهنا قال لي شيئًا لن أنساه.
فهل ننسى؟
كلاّ،
بل نُخبّئ الوفاء في صدورنا،
ونتلو على أرواحهم كل ليلةٍ سورة الحنين.
نُحاور صورتهم في ذاكرتنا،
ونسألهم صامتين:
هل تذكروننا كما نذكركم؟
هل تمرّون على قلوبكم كما تمرّون على قلوبنا؟
وإن كانوا لا يسمعون،
فحسبُنا أننا نحنُ – الباقين – ما زلنا نَفي، ونُحب، ونشتاق...
وحسبُهم أنهم مرّوا بنا كالنور،
ثمّ تركوا فينا أثرًا لا يُمحى.
ما أشدَّ ما تصنعه الذكرى حين تهبُّ على القلب كما تهبّ الريح على ورقٍ قديم...
تبعثره، تقلبه، وتعيدنا إلى هناك... إلى حيث كنّا مع مَن كانوا، فصاروا الآن في عُهدة الغياب.
لقد مضوا، أجل،
مضَوا كما تمضي النجوم حين تطفئها السماء، بلا وداعٍ ولا التفاتةٍ أخيرة.
لكنهم – يا صاحبي – لم يغادروا تمامًا،
ما زالوا يسكنون الظلّ، ويتكئون على أهداب الصباح، ويَخطرون في وجوه العابرين… كلّما نَظرنا إلى الدنيا بعينٍ باكية.
لم يكونوا أصدقاء فقط،
بل كانوا أوطانًا صغيرةً نمشي إليها كلما ضاقت بنا الدروب.
كانوا كالدفء في الشتاء،
كصوت الأمّ في الغربة،
كلمة "أنا هنا" حين لا يقولها أحد.
وها نحنُ، لا نملك إلا الذكرى،
نُمسك بها كما يُمسك العطشانُ بكأسٍ فارغ، يروي به خياله.
نمشي على دروبٍ مشيناها معهم،
نُحدّق في المقاعد التي جلسوا عليها،
ونُحدّث أنفسنا: هنا ضحك، وهنا حكى، وهنا قال لي شيئًا لن أنساه.
فهل ننسى؟
كلاّ،
بل نُخبّئ الوفاء في صدورنا،
ونتلو على أرواحهم كل ليلةٍ سورة الحنين.
نُحاور صورتهم في ذاكرتنا،
ونسألهم صامتين:
هل تذكروننا كما نذكركم؟
هل تمرّون على قلوبكم كما تمرّون على قلوبنا؟
وإن كانوا لا يسمعون،
فحسبُنا أننا نحنُ – الباقين – ما زلنا نَفي، ونُحب، ونشتاق...
وحسبُهم أنهم مرّوا بنا كالنور،
ثمّ تركوا فينا أثرًا لا يُمحى.