تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حين اجتمع المستحيلان


مولانا
06-06-2025, 05:59 PM
كان هو ابن الجنوب…
رجلًا من طين الأرض، صلب الطباع، جُبل على البُعد، وعلى الاختباء خلف الكلمات القليلة والملامح المرسومة بعناية.
وكانت هي ابنة الشمال…
روحًا متمردة، عاشقةً للضوء، تُجيد الحديث بلغة الزهور، وتخطو إلى الحياة بخفة فراشةٍ لا تخشى الاحتراق.

لم يكن بين عالميهما جسر.
هو يؤمن بالصمتِ حكمة، وهي ترى أن البوحَ حياة.
هو يتقن الخسارة كأنها فطرة، وهي تُصرّ على أن تربح كل معركةٍ بالعاطفة.

لكن الحياة، كعادتها، حين تهمس بالمفاجآت… جمعت بين المستحيلين.

في مدينةٍ لا تُشبه أحدًا، على مقعدٍ خشبيٍ مهترئٍ في مكتبةٍ قديمة، تقاطعت نظراتهما لأول مرة.
هو كان يقرأ "وداعًا للسلاح" لهمنغواي،
وهي كانت تُدوّن في دفترٍ صغير عبارةً للشاعر نزار: "ما بيننا، أجملُ من الحبّ."

لم يتبادلا حديثًا طويلًا،
كانت الكلمات الأولى بينهما خجولةً، كأنها تستأذن من الوجع القديم في قلب كلٍ منهما،
لكن شيئًا غريبًا تشكّل…
كأن أرواحًا غاب عنها الرفاق قد تلاقت بعد نفيٍ طويل.

**

في الشهور التي تلت،
أصبح هو أقلّ صمتًا، وصارت هي أكثر هدوءًا.
كانا يتعلّمان من بعضهما كيف يُعاد تشكيل القلب…
هي علمته أن يحتمل الضوء، وهو علمها أن تعتاد الظل.
هي أحبّت فيه عمقه وسكونه،
وهو عشق فيها جنونها وحكاياها التي لا تنتهي.

حتى أن أصدقاءهم قالوا: "إنها علاقة لا تُشبه شيئًا… كأن الزمن أخطأ التوقيت، لكنه تعمّد اللقاء."

**

لكن لكل حلمٍ فاتورة،
والحبّ، حين يتعارض مع قدرٍ أكبر، لا ينتصر دائمًا.

جاء القرار من حيث لا يتوقعان…
أُجبر على السفر، وهي أُجبرت على البقاء.
العائلة، الظروف، الواقع… كلها اصطفت في صفّ الفراق، كأن العالم كله تآمر على هذا الحب.

التقيا للمرة الأخيرة تحت المطر.
لم يتحدثا كثيرًا، كانت العيون تنوب عن كل الكلمات.

قال لها:
"لو كنا في زمنٍ آخر، لكنتُ أنا لكِ، ولكنتِ أنتِ لي."

فردّت، والدمع في عينيها:
"حتى وإن لم نكن لبعض، سأظل أصدق أننا كُنّا حبًا كاملاً في زمنٍ ناقص."

ثم رحل.

**

مضت سنوات…
هي تكتب عنه دون أن تذكر اسمه،
وهو يحتفظ بورقة صغيرة كتبَت فيها: "كُن بخير، حتى وإن لم أكن هناك."

لم ينتهِ الحب…
لكنّ القصة انتهت.

وهكذا…
اجتمع المستحيلان ذات يوم،
ليثبتا أن بعض اللقاءات لا تُصنع لتدوم،
بل لتترك في القلب أثرًا،
يشبه القصائد التي لا نُكملها…
لكننا نحفظ مطلعها إلى الأبد.

عآزفّ النّآي
06-06-2025, 09:23 PM
نص جميل وقصه ممتعه أخي الكريم
دآم لنا عطائك المميز الجميل
ودت بخير ،,

مولانا
06-06-2025, 11:40 PM
نص جميل وقصه ممتعه أخي الكريم
دآم لنا عطائك المميز الجميل
ودت بخير ،,

تسلم عازف
نورت الموضوع بحضورك :258:

عتب خرساء•
06-07-2025, 10:11 PM
القلوب تتلاقى وان كان هناك مسافات بعيده
الحب الصادق لو بعد مليون سنه ومليون متر
يبقى في القلب مايتغير
يعطيك العافيه على هالقصه

رآنيا
06-08-2025, 05:54 AM
يا لها من حكاية!
اسلوبك جميل جدًا ماشاء الله عليك
أجدت تصوير النقيضين حين يلتقيان لا ليكملا بعضهما
بل ليعلما بعضهما كيف يكون الاكتمال في النقصان والدفء في الغياب والحب في الرحيل
ابدعت جدًا
متشوقة لقراءة المزيد مما يفيض به قلمك
فلك اسلوب رائع جدًا قلّما نجد مثله
سلمت ويعطيك العافية

~

نقاء الورد
06-08-2025, 01:07 PM
حتى أن أصدقاءهم قالوا: "إنها علاقة لا تُشبه شيئًا… كأن الزمن أخطأ التوقيت، لكنه تعمّد اللقاء."

،،،،

لكن الحياة، كعادتها، حين تهمس بالمفاجآت… جمعت بين المستحيلين.

،،،،،،
لكن لكل حلمٍ فاتورة،
،،،،،
فردّت، والدمع في عينيها:
"حتى وإن لم نكن لبعض، سأظل أصدق أننا كُنّا حبًا كاملاً في زمنٍ ناقص."
،،،،،
اجتمع المستحيلان ذات يوم،
ليثبتا أن بعض اللقاءات لا تُصنع لتدوم،
بل لتترك في القلب أثرًا،
يشبه القصائد التي لا نُكملها…
لكننا نحفظ مطلعها إلى الأبد.
،،،،،،

عبارات لم استطع المرور عنها مرور الكرام،
حفرت بداخلي شيئاً عجيباً،
كان لها أثراً كبيراً بداخلي،
وراقت لي بشكل يصعب وصفه،
لدرجة اني قرأتها اكثر من مره
وفي كل مره
كأني اقرأها لأول مره،
ابداً لا أحب النهايات الحزينه والفراق بعد الحب،
وهذه النهايات توجع قلبي حقاً ،
وأعتب ع الكاتب ان كنت أعرفه،
ولكني أعزي نفسي بأن الحب لا يموت بدواخلنا رغم الفراق

لا أجد كلمات أرد بها على جمال كلماتك
ابدعت وابداعك فاق حدود الوصف
وهذا يجعلني اطمع بالمزيد
فلا تحرمنا،
ودمت بسعاده لا تنتهي ي أنيق الحرف والشعور،
تقييمي وورداتي 🌹 و300 نقطه
وكل الامتنان🌹

نماء
06-10-2025, 12:30 PM
أرواحًا غاب عنها الرفاق

كانت قاسية وصعبة..

نجمة
06-22-2025, 06:48 PM
نص باذخ فاخر
يجمع ما بين السرد المتقن والحوار العاطفي الذي ربما كان قليل
لكنه دقيق بحيث اصاب لُب المشهد بلا زيادة ولا نقصان !

احببت وصفك للتناقض الكبير بينهما
واحببت كذلك وصفك للإمتزاج بين صفاتهما والذي يدل
ع عمق تلك المشاعر حد الغوص في نفس كلا منهما لتغير حتى ما يظنه الشخص فيه مستحيلاً
احببت كذلك كثير من العبارات ك :
لم يكن بين عالميهما جسر.

"إنها علاقة لا تُشبه شيئًا… كأن الزمن أخطأ التوقيت، لكنه تعمّد اللقاء."

و

"حتى وإن لم نكن لبعض، سأظل أصدق أننا كُنّا حبًا كاملاً في زمنٍ ناقص."


....


لدي ملاحظة فقط صغيرة
ارى لا حاجة للعبارة الأخيرة

حين وصلت لجملة
لم ينتهِ الحب…
لكنّ القصة انتهت.

اعتبر نفسي اني وصلت للخاتمة التي تليق بهذا النص الجميل
دوم الحاجة لأي حرف زائد ^^


شكرا لك
منذ فترة لم اقرأ قصة بكل هذا الجمال ^^