رآنيا
04-28-2025, 09:35 AM
width=600 height=350
كانت الساعة تقترب من منتصف الليل عندما خطت آني عبر الزقاق الضيق
كان الضباب يزحف كأطياف هائمة فوق الأرض
والأضواء الباهتة تتراقص على الجدران القديمة المتهالكة
في يدها ورقة صغيرة، كتب عليها بخط أنيق
( لقاء أخير .. قرب المدفأة .. من ك )
لم تكن تعلم بالضبط من هو "ك"
لكنها كانت مأخوذة بذلك الصوت الذي هاتفها قبل أيام وبكلماته التي انزلقت إلى قلبها كما ينزلق الخنجر إلى اللحم الطري
حديثه كان كالموسيقى الناعمة المسمومة
وعند وصولها إلى البيت المهجور دفعها الفضول والخوف إلى الدخول
الباب الذي بدا كأنه لم يُفتح منذ عقود أنف مع صرير طويل شق الصمت
وعبر ممر معتم قادها نور خافت إلى غرفة واسعة تتوسطها مدفأة موقدة بشكل غريب نيرانها الخضراء تتراقص ككائنات غريبة تتلوى في الظل
هناك بالقرب منها وقف رجل طويل القامة يرتدي معطفًا أسود طويلًا
كانت ابتسامته لا تطمئن القلب بل تبعث فيه قشعريرة لا تفسير لها
أهلاً بكِ آني
صوته كان أكثر دفئًا مما يجب ... وأكثر سماكة مما يُحتمل
جلست بتردد بينما بدأ حديثه الساحر يغلفها
تحدث عن الوحدة وعن الحزن عن الرغبة في أن يفهمه أحد
كلماته صممت بدقة كسم في كأس نبيذ فاخر
كلما تحدّث شعرت بثقل عجيب في جسدها وكأن قوة خفية تسرق منها طاقتها قطعة قطعة
ثم حين شعرت بأنها على وشك الانهيار اقترب منها وأمسك يدها بلطف مصطنع وهمس قائلًا
كل همسة معسولة كانت شَرَكًا وكل وعد كاذب قادكِ إلى فخّي
في لحظة واحدة انكشفت الحقيقة
وجهه تشوّه أمام عينيها، جلده شاحب، مشدود على عظام بارزة وعيناه تحولت إلى حُفَرٍ سوداء بلا قاع
حاولت الصراخ لكن صوتها خانها
حاولت الهرب لكن قدميها كانتا مثل صخور غارقة
على الجدران بدأت ظلالٌ تتحرك كانت كائنات ملتوية بلا وجوه تتسلق الجدران وتنزلق نحوها
كلايف أو ما كان يُسمى بذلك لم يكن بشرًا كان صياد أرواح كائن سايكوباثي يعيش على الوعود الكاذبة والقلوب المحطمة
كل ضحية يوقعها يضيفها إلى مجموعته الملعونة
همس لها مرة أخرى
ستبقين هنا آني وبصوت مخيف جدًا رغم هدوءه قال إلى الأبد !
وفي اللحظة الأخيرة قبل أن يسلبها وعيها بالكامل رأت انعكاس صورتها على زجاج مكسور بجانب المدفأة
لكن الصورة لم تكن صورتها بل كانت شخصًا آخر بعينين خاويتين وفم معوج تصرخ صمتًا لا يُسمع
ثم خيّم السكون …….
في صباح اليوم التالي مرّ أحد المارة من أمام البيت المهجور ولاحظ أن المدفأة في الداخل كانت لا تزال مشتعلة بلون أخضر غريب
لكنه ككل أهل البلدة أدار وجهه سريعًا وواصل طريقه
لأن الجميع يعرف أن هناك أماكن حين تدخُلها لا تعود منها أبدًا
استفاقت آني أو ظنت أنها استفاقت
كانت تقف في ممر طويل جدرانه من العظام السوداء وسقفه منخفض يكاد يلامس رأسها
الهواء كان خانقًا مشبعًا برائحة العفن واليأس
صرخت أو حاولت الصراخ لكن صوتها لم يخرج
وكأن الأحبال الصوتية قد انتُزعت منها
كان هناك آخرون !
ظلال متحركة بأجساد مشوهة ووجوه باهتة بلا ملامح تسير بجانبها ببطء كأنها غارقة في حلم بلا نهاية
سمعت في رأسها صوتًا مألوفًا صوت كلايف يقول مرحبًا بك في دار الراحة الأبدية، آني
كلما خطت خطوة شاهدت ذكرياتها تتساقط حولها كالأوراق الميتة
طفولتها، ضحكاتها، أحلامها كلها تتبخر كدخان في عاصفة سوداء
وفي أعماق الممر كان هناك مرآة عظيمة
اقتربت منها وارتجفت عندما رأت ما أصبحت عليه
كائن هزيل جلده شفاف يكشف عن عظام ملتوية وعيناه بلا بريق وكأنها حُفرت بمسامير من الظلام
أدركت أخيرًا أنها لم تُحاصر في عالمه فحسب بل ذابت فيه وصارت من نسيجه
قوانين اللعبة تغيرت
اصبحت الآن واحدة من صائدي الأرواح الآخرين مضطرة لتكرار نفس الكذبة على من يليها
كلمات معسولة وطُعم جديد ومصيدة أخرى كي تبقى على قيد اللا موت
وفي أحد الأزقة بعد سنوات لا يعلمها إلا الله كانت فتاة أخرى تمسك بورقة صغيرة كتب عليها
( لقاء أخير ... قرب المدفأة .. من ك)
وتبدأ القصة من جديد …
كانت الساعة تقترب من منتصف الليل عندما خطت آني عبر الزقاق الضيق
كان الضباب يزحف كأطياف هائمة فوق الأرض
والأضواء الباهتة تتراقص على الجدران القديمة المتهالكة
في يدها ورقة صغيرة، كتب عليها بخط أنيق
( لقاء أخير .. قرب المدفأة .. من ك )
لم تكن تعلم بالضبط من هو "ك"
لكنها كانت مأخوذة بذلك الصوت الذي هاتفها قبل أيام وبكلماته التي انزلقت إلى قلبها كما ينزلق الخنجر إلى اللحم الطري
حديثه كان كالموسيقى الناعمة المسمومة
وعند وصولها إلى البيت المهجور دفعها الفضول والخوف إلى الدخول
الباب الذي بدا كأنه لم يُفتح منذ عقود أنف مع صرير طويل شق الصمت
وعبر ممر معتم قادها نور خافت إلى غرفة واسعة تتوسطها مدفأة موقدة بشكل غريب نيرانها الخضراء تتراقص ككائنات غريبة تتلوى في الظل
هناك بالقرب منها وقف رجل طويل القامة يرتدي معطفًا أسود طويلًا
كانت ابتسامته لا تطمئن القلب بل تبعث فيه قشعريرة لا تفسير لها
أهلاً بكِ آني
صوته كان أكثر دفئًا مما يجب ... وأكثر سماكة مما يُحتمل
جلست بتردد بينما بدأ حديثه الساحر يغلفها
تحدث عن الوحدة وعن الحزن عن الرغبة في أن يفهمه أحد
كلماته صممت بدقة كسم في كأس نبيذ فاخر
كلما تحدّث شعرت بثقل عجيب في جسدها وكأن قوة خفية تسرق منها طاقتها قطعة قطعة
ثم حين شعرت بأنها على وشك الانهيار اقترب منها وأمسك يدها بلطف مصطنع وهمس قائلًا
كل همسة معسولة كانت شَرَكًا وكل وعد كاذب قادكِ إلى فخّي
في لحظة واحدة انكشفت الحقيقة
وجهه تشوّه أمام عينيها، جلده شاحب، مشدود على عظام بارزة وعيناه تحولت إلى حُفَرٍ سوداء بلا قاع
حاولت الصراخ لكن صوتها خانها
حاولت الهرب لكن قدميها كانتا مثل صخور غارقة
على الجدران بدأت ظلالٌ تتحرك كانت كائنات ملتوية بلا وجوه تتسلق الجدران وتنزلق نحوها
كلايف أو ما كان يُسمى بذلك لم يكن بشرًا كان صياد أرواح كائن سايكوباثي يعيش على الوعود الكاذبة والقلوب المحطمة
كل ضحية يوقعها يضيفها إلى مجموعته الملعونة
همس لها مرة أخرى
ستبقين هنا آني وبصوت مخيف جدًا رغم هدوءه قال إلى الأبد !
وفي اللحظة الأخيرة قبل أن يسلبها وعيها بالكامل رأت انعكاس صورتها على زجاج مكسور بجانب المدفأة
لكن الصورة لم تكن صورتها بل كانت شخصًا آخر بعينين خاويتين وفم معوج تصرخ صمتًا لا يُسمع
ثم خيّم السكون …….
في صباح اليوم التالي مرّ أحد المارة من أمام البيت المهجور ولاحظ أن المدفأة في الداخل كانت لا تزال مشتعلة بلون أخضر غريب
لكنه ككل أهل البلدة أدار وجهه سريعًا وواصل طريقه
لأن الجميع يعرف أن هناك أماكن حين تدخُلها لا تعود منها أبدًا
استفاقت آني أو ظنت أنها استفاقت
كانت تقف في ممر طويل جدرانه من العظام السوداء وسقفه منخفض يكاد يلامس رأسها
الهواء كان خانقًا مشبعًا برائحة العفن واليأس
صرخت أو حاولت الصراخ لكن صوتها لم يخرج
وكأن الأحبال الصوتية قد انتُزعت منها
كان هناك آخرون !
ظلال متحركة بأجساد مشوهة ووجوه باهتة بلا ملامح تسير بجانبها ببطء كأنها غارقة في حلم بلا نهاية
سمعت في رأسها صوتًا مألوفًا صوت كلايف يقول مرحبًا بك في دار الراحة الأبدية، آني
كلما خطت خطوة شاهدت ذكرياتها تتساقط حولها كالأوراق الميتة
طفولتها، ضحكاتها، أحلامها كلها تتبخر كدخان في عاصفة سوداء
وفي أعماق الممر كان هناك مرآة عظيمة
اقتربت منها وارتجفت عندما رأت ما أصبحت عليه
كائن هزيل جلده شفاف يكشف عن عظام ملتوية وعيناه بلا بريق وكأنها حُفرت بمسامير من الظلام
أدركت أخيرًا أنها لم تُحاصر في عالمه فحسب بل ذابت فيه وصارت من نسيجه
قوانين اللعبة تغيرت
اصبحت الآن واحدة من صائدي الأرواح الآخرين مضطرة لتكرار نفس الكذبة على من يليها
كلمات معسولة وطُعم جديد ومصيدة أخرى كي تبقى على قيد اللا موت
وفي أحد الأزقة بعد سنوات لا يعلمها إلا الله كانت فتاة أخرى تمسك بورقة صغيرة كتب عليها
( لقاء أخير ... قرب المدفأة .. من ك)
وتبدأ القصة من جديد …