رميزان
02-01-2025, 11:01 PM
علَّمتني الحياةُ أن أتلقّى _ كلَّ ألوانها رضاً وقبولا
ورأيتُ الرِّضا يخفِّف أثقالي _ ويُلقي على المآسي سُدولا
والذي أُلهم الرِّضا لا تراهُ _ أبدَ الدهر حاسداً أو عَذولا
أنا راضٍ بكل ما كتب الله _ ومُزْجٍ إليه حَمْداً جَزيلا
أنا راضٍ بكل صِنفٍ من الناسِ _ لئيماً ألفيتُه أو نبيلا
لستُ أخشى من اللئيم أذاهلا _ ولن أسألَ النبيلَ فتيلا
فسح الله في فؤادي فلا أرضى _ من الحبِّ والوداد بديلا
في فؤادي لكل ضيف مكان _ فكُنِ الضيفَ مؤنساً أوثقيلا
ضلَّ من يحسب الرضا عن هَوان _ أو يراه على النِّفاق دليلا
فالرضا نعمةٌ من الله لم _ يسعد بها في العباد إلا القليلا
والرضا آيةُ البراءة _ والإيــمان بالله ناصراً ووكيلا
علمتني الحياةُ أنَّ لها طعــمَين _ مُراً، وسائغاً معسولا
فتعوَّدتُ حالَتَيْها قريراً _ وألفتُ التغيير والتبديلا
أيها الناس كلُّنا شاربُ الكأسَين _ إنْ علقماً وإنْ سلسبيلا
نحن كالرّوض نُضْرة وذُبولا _ نحن كالنَّجم مَطلعَاً وأُفولا
نحن كالريح ثورة وسكوناً _ نحن كالمُزن مُمسكاً وهطولا
نحن كالظنِّ صادقاً وكذوباً _ نحن كالحظِّ منصفاً وخذولا
قد تسرِّي الحياةُ عني فتبدي _ سخرياتِ الورى قَبيلاً قَبيلا
فأراها مواعظاً ودروساً _ ويراها سواي خَطْباً جليلا
أمعن الناس في مخادعة _ النّفـسِ وضلُّوا بصائراً وعقولا
عبدوا الجاه والنُّضار وعَيناً _ من عيون المَهَا وخدّاً أسيلا
الأديب الضعيف جاهاً ومالاً _ ليس إلا مثرثراً مخبولا
والعتلُّ القويُّ جاهاً ومالاً _ هو أهدى هُدَى وأقومُ قيلا
وإذا غادة تجلّت عليهم _ خشعوا أو تبتّلوا تبتيلا
وتَلوا سورة الهيام وغنّوها _ وعافوا القرآن والإنجيلا
لا يريدون آجلاً من ثواب الله _ إنَّ الإنسان كان عجولا
فتنة عمّت المدينة والقريةَ _ لم تَعْفِ فتية أو كهولا
وإذا ما انبريتَ للوعظ قالوا _ لستَ رباً ولا بُعثتَ رسولا
أرأيت الذي يكذِّب بالدين _ ولا يرهب الحساب الثقيلا
أكثرُ الناس يحكمون على الناس _ وهيهات أن يكونوا عدولا
فلكم لقَّبوا البخيل كريماً _ ولكم لقَّبوا الكريم بخيلا
ولكم أعطَوا الملحَّ فأغنَوا _ ولكم أهملوا العفيفَ الخجولا
ربَّ عذراء حرّة وصموها _ وبغيٍّ قد صوّروها بتولا
وقطيعِ اليدين ظلماً ولصٍ _ أشبع الناس كفَّه تقبيلا
وسجينٍ صَبُّوا عليه نكالاً _ وسجينٍ مدلّلٍ تدليلا
جُلُّ من قلَّد الفرنجة منا _ قد أساء التقليد والتمثيلا
فأخذنا الخبيث منهم ولم _ نقـبسِ من الطيّبات إلا قليلا
يوم سنَّ الفرنج كذبةَ إبريلَ _ غدا كل عُمْرنا إبريلا
نشروا الرجس مجملاً فنشرناهُ _ كتاباً مفصَّلاً تفصيلا
علمتني الحياة أنَّ الهوى سَيْـلٌ _ فمن ذا الذي يردُّ السيولا
ثم قالت: والخير في الكون باقٍ _ بل أرى الخيرَ فيه أصلاً أصيلا
إنْ ترَ الشرَ مستفيضاً فهوِّن _ لا يحبُّ الله اليئوس الملولا
ويطول الصراع بين النقيضَيـنِ _ ويَطوي الزمانُ جيلاً فجيلا
وتظلُّ الأيام تعرض لونَيْها _ على الناس بُكرةً وأصيلا
فذليلٌ بالأمس صار عزيزاً _ وعزيزٌ بالأمس صار ذليلا
ولقد ينهض العليلُ سليماً _ ولقد يسقطُ السليمُ عليلا
ربَّ جَوعانَ يشتهي فسحةالعمــرِ _ وشبعانَ يستحثُّ الرحيلا
وتظلُّ الأرحامُ تدفع قابيلاً _ فيُردي ببغيه هابيلا
ونشيد السلام يتلوه سفّاحون _ سَنُّوا الخراب والتقتيلا
وحقوق الإنسان لوحة رسّامٍ _ أجاد التزوير والتضليلا
صورٌ ما سرحتُ بالعين فيها _ وبفكري إلا خشيتُ الذهولا
قال صحبي: نراك تشكو جروحاً - أين لحن الرضا رخيماً جميلا
قلت أما جروح نفسي فقد _ عوَّدْتُها بَلسَمَ الرضا لتزولا
غيرَ أنَّ السكوتَ عن جرح قومي _ ليس إلا التقاعسَ المرذولا
لستُ أرضى لأمة أنبتتني _ خُلُقاً شائهاً وقَدْراً ضئيلا
لستُ أرضى تحاسداً أو شقاقاً _ لستُ أرضى تخاذلاً أو خمولا
أنا أبغي لها الكرامة والمجـدَ _ وسيفاً على العدا مسلولا
علمتني الحياة أني إن عشـتُ _ لنفسي أعِشْ حقيراً هزيلا
علمتني الحياةُ أنيَ مهما _ أتعلَّمْ فلا أزالُ جَهولا
_
محمد مصطفى حمام
مصــر
ورأيتُ الرِّضا يخفِّف أثقالي _ ويُلقي على المآسي سُدولا
والذي أُلهم الرِّضا لا تراهُ _ أبدَ الدهر حاسداً أو عَذولا
أنا راضٍ بكل ما كتب الله _ ومُزْجٍ إليه حَمْداً جَزيلا
أنا راضٍ بكل صِنفٍ من الناسِ _ لئيماً ألفيتُه أو نبيلا
لستُ أخشى من اللئيم أذاهلا _ ولن أسألَ النبيلَ فتيلا
فسح الله في فؤادي فلا أرضى _ من الحبِّ والوداد بديلا
في فؤادي لكل ضيف مكان _ فكُنِ الضيفَ مؤنساً أوثقيلا
ضلَّ من يحسب الرضا عن هَوان _ أو يراه على النِّفاق دليلا
فالرضا نعمةٌ من الله لم _ يسعد بها في العباد إلا القليلا
والرضا آيةُ البراءة _ والإيــمان بالله ناصراً ووكيلا
علمتني الحياةُ أنَّ لها طعــمَين _ مُراً، وسائغاً معسولا
فتعوَّدتُ حالَتَيْها قريراً _ وألفتُ التغيير والتبديلا
أيها الناس كلُّنا شاربُ الكأسَين _ إنْ علقماً وإنْ سلسبيلا
نحن كالرّوض نُضْرة وذُبولا _ نحن كالنَّجم مَطلعَاً وأُفولا
نحن كالريح ثورة وسكوناً _ نحن كالمُزن مُمسكاً وهطولا
نحن كالظنِّ صادقاً وكذوباً _ نحن كالحظِّ منصفاً وخذولا
قد تسرِّي الحياةُ عني فتبدي _ سخرياتِ الورى قَبيلاً قَبيلا
فأراها مواعظاً ودروساً _ ويراها سواي خَطْباً جليلا
أمعن الناس في مخادعة _ النّفـسِ وضلُّوا بصائراً وعقولا
عبدوا الجاه والنُّضار وعَيناً _ من عيون المَهَا وخدّاً أسيلا
الأديب الضعيف جاهاً ومالاً _ ليس إلا مثرثراً مخبولا
والعتلُّ القويُّ جاهاً ومالاً _ هو أهدى هُدَى وأقومُ قيلا
وإذا غادة تجلّت عليهم _ خشعوا أو تبتّلوا تبتيلا
وتَلوا سورة الهيام وغنّوها _ وعافوا القرآن والإنجيلا
لا يريدون آجلاً من ثواب الله _ إنَّ الإنسان كان عجولا
فتنة عمّت المدينة والقريةَ _ لم تَعْفِ فتية أو كهولا
وإذا ما انبريتَ للوعظ قالوا _ لستَ رباً ولا بُعثتَ رسولا
أرأيت الذي يكذِّب بالدين _ ولا يرهب الحساب الثقيلا
أكثرُ الناس يحكمون على الناس _ وهيهات أن يكونوا عدولا
فلكم لقَّبوا البخيل كريماً _ ولكم لقَّبوا الكريم بخيلا
ولكم أعطَوا الملحَّ فأغنَوا _ ولكم أهملوا العفيفَ الخجولا
ربَّ عذراء حرّة وصموها _ وبغيٍّ قد صوّروها بتولا
وقطيعِ اليدين ظلماً ولصٍ _ أشبع الناس كفَّه تقبيلا
وسجينٍ صَبُّوا عليه نكالاً _ وسجينٍ مدلّلٍ تدليلا
جُلُّ من قلَّد الفرنجة منا _ قد أساء التقليد والتمثيلا
فأخذنا الخبيث منهم ولم _ نقـبسِ من الطيّبات إلا قليلا
يوم سنَّ الفرنج كذبةَ إبريلَ _ غدا كل عُمْرنا إبريلا
نشروا الرجس مجملاً فنشرناهُ _ كتاباً مفصَّلاً تفصيلا
علمتني الحياة أنَّ الهوى سَيْـلٌ _ فمن ذا الذي يردُّ السيولا
ثم قالت: والخير في الكون باقٍ _ بل أرى الخيرَ فيه أصلاً أصيلا
إنْ ترَ الشرَ مستفيضاً فهوِّن _ لا يحبُّ الله اليئوس الملولا
ويطول الصراع بين النقيضَيـنِ _ ويَطوي الزمانُ جيلاً فجيلا
وتظلُّ الأيام تعرض لونَيْها _ على الناس بُكرةً وأصيلا
فذليلٌ بالأمس صار عزيزاً _ وعزيزٌ بالأمس صار ذليلا
ولقد ينهض العليلُ سليماً _ ولقد يسقطُ السليمُ عليلا
ربَّ جَوعانَ يشتهي فسحةالعمــرِ _ وشبعانَ يستحثُّ الرحيلا
وتظلُّ الأرحامُ تدفع قابيلاً _ فيُردي ببغيه هابيلا
ونشيد السلام يتلوه سفّاحون _ سَنُّوا الخراب والتقتيلا
وحقوق الإنسان لوحة رسّامٍ _ أجاد التزوير والتضليلا
صورٌ ما سرحتُ بالعين فيها _ وبفكري إلا خشيتُ الذهولا
قال صحبي: نراك تشكو جروحاً - أين لحن الرضا رخيماً جميلا
قلت أما جروح نفسي فقد _ عوَّدْتُها بَلسَمَ الرضا لتزولا
غيرَ أنَّ السكوتَ عن جرح قومي _ ليس إلا التقاعسَ المرذولا
لستُ أرضى لأمة أنبتتني _ خُلُقاً شائهاً وقَدْراً ضئيلا
لستُ أرضى تحاسداً أو شقاقاً _ لستُ أرضى تخاذلاً أو خمولا
أنا أبغي لها الكرامة والمجـدَ _ وسيفاً على العدا مسلولا
علمتني الحياة أني إن عشـتُ _ لنفسي أعِشْ حقيراً هزيلا
علمتني الحياةُ أنيَ مهما _ أتعلَّمْ فلا أزالُ جَهولا
_
محمد مصطفى حمام
مصــر