تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : العبقُ الفردوسيُّ !


السمهري
04-02-2023, 02:18 PM
لم يألف الأشمَّ والخضَمَّ –وإن وجد بهما بعضَ الأُنْسِ والسُّرورِ والبهجة- ، وظل الحنين ينازعه إلى مغاني طفولته ، وملاعب صباه !
لم يطق الصبر أكثر ، وفي إحدى الليالي ركب سيارته ويمم وجهه شطر مغاني طفولته ، وعندما تعالى الضحى كان في الشارع الرئيسي الذي عن يمينه المنازل والمغاني .
انعطف يمينًا ، عند أول منعطفٍ يؤدي إلى وسط الحي الذي كان يقطنه ، ثم ترجل من مركبته ، وبدأ السَّيْرَ متمهِّلًا ، متأمِّلًا ، متذكِّرًا ساعات أجمل ، وأنقى عهد !
عاج على منزله وخطى خطوتين إلى الداخل ، ثم وقف ونظر إلى نافذة المطبخ المطلة على الفناء الضيق ، التي يُخبِّئُ بعض لعبه فيها لعلوِّها ، ثم مضى إلى يساره مباريًا الحائط الأبيض القصير –الذي يفصل بين الفناء والممر- ، الذي يجعلونه مرمىً لكرة القدم .
دلف إلى الفناء الواسع ذي الحيطان المطلية باللون الأبيض ، والأسقف المرصوفة بالخشب المطلي باللون الأزرق والأبواب الخشبية المطلية باللون البني .
أجال ناظره في الفناء الواسع فعن يمينه المطبخ ، ثم باب خشبي يؤدي إلى غرفة النوم والصالة ، والمجلس الذي يقيم فيه مآدب النجاح ، والمناسبات السعيدة ، وضيافة أصحابه ، ثم العريش الشمالي والغربي ، الذي ينام فيه في فصل الشتاء ، ليبهج ناظره وسمعه بالبرق والرعد ، والغيث المنهمر ، والعصافير التي تخرج من أوكارها في التجويف الخشبي بأعلى العمود .
يليها غرفة التلفاز ، ثم المستودع ، ثم الدرج المؤدي إلى السطح ، توقف قليلًا ثم صعد الدرج ،ومضى إلى السطح وجال فيه ودموعه تنهمر على وجنتيه !
بجانب الباب عن يمينه مصطبة كان يلوذ بها كثيرًا عندما ينتابه الشجن ، وفي سقف الدرج كان يضع طنفسة ويمضي بعض الوقت فيها يتأمل ، ويسرح مع أحلامه وأمانيه !
صعد المصطبة ، ونظر إلى بيوت الحي ، ثم ثبَّتَ بصره على أحدها ، وقال : عندما تَهُبُّ الرياحُ أتَعَرَّضُ لها ، لعلها تَأْخُذُ بعضًا من الحنين الذي أَنْهَكَ قلبي ، لتُلقيه في قلبكِ ، لتَشْعُري بما أُكَابدُهُ من الحنين إليكِ ، فتعطفي ، وترأفي !
ثم نزل ، وجال في السطح المقسم إلى أربعة أقسام ، وجال في الغرف الثلاث فيه ، ووقف عند الغرفة الأخيرة ، وتبسم عندما تذكر عندما كان يضعُ العلمَ في آخر الزاوية منها ، وكاد يسقط ، لولا أن الله سلم !
نزل من السطح ، ونظر إلى الغرف الثلاث عن يمينه ، ثم دلف إلى الغرفة الأخيرة التي تؤدي إلى الفناء الخلفي (الغربي) ذي الثلاث نخلات ، وجوافة ، وكينة –يصطاد الطيور التي تأوي إليها- ، وتينة ، وخم دجاج وحمام ، وغرفة مسقفة بالطين والجريد !
تبسَّم ، عندما تذكر عندما غاب عن الحي بضعة أسابيع ، ثم عاد ، فاستقبله أترابه بالحفاوة والترحيب وأهدوه بعض ألعابهم !
كان يجول في المنزل ، ودموعه تنهمر ، والحنين تصطخب أمواجه مع كل ذكرى ، ولم يستطع نظم بيت ، ولو استطاع لاحتاج لمائة بيتٍ –على الأقل- لوصف ما يعتلجُ بقلبه !
خرج من الباب الأحمر الكبير ، الجنوبي الغربي ، واتجه إلى المنزل الذي أودع قلبه فيه ، ودلف من الباب الأخضر ، واتجه إلى شجرة الليمون في آخر الفناء الشمالي الشرقي ، ووقف أمامها ، ...


يتبع ...

عبير
04-02-2023, 10:29 PM
سلمت اناملك عبدالعزيز على الابداع
بانتظارك

ختم + 200 نقطة

مُختلف.
04-03-2023, 02:26 PM
جميل ماقرأت بنتظار ما يتبع ايها المبدع
يعطيك العافيه
تحياتي ..

أنثى قيدها الصمت
04-03-2023, 08:43 PM
ابداع لايوصف ورقة انامل لا مثيل لها تبارك الرحمن وربي يسعدك ويبارك بعمرك شكرا والف ولا تكفيك لك اطنان من الورد.

alwafa
04-04-2023, 09:17 AM
،’







جمييل ما سطر قلمكك
يا عبدالعزيز ’
راقـى ليي
في انتظار يديدكك

رآنيا
04-04-2023, 03:32 PM
نصوصك تنضح بالجمال و أجد فيها متعة القراءة
متشوقة لقراءة النهاية
سلمت وسلم نبض قلمك الرائع

~

نايف
05-21-2023, 04:38 PM
ذكرياتنا جزء منا محفوره بدواخلنا
خصوصا الاماكن المتعلقه بطفولتنا ونشأتنا
نقف على اطلالها بحنين خاص
لنستمتع بما تعرضه الذاكره
من مشاهد وتفاصيل وكأنها حدثت بالأمس
حتى مشاهد الظروف المتعبه والقاسيه والمؤلمه
تأتي بطعم اقل مراره عند استلهامها
ربما لان حدة مرارتها قد انتهت
وتلاشت خلف سحب النسيان
اخوي عبدالعزيز
عندما اقرأ احد نصوصك اجدني
في متعه مع المعاني الجميله
التي تصيغها بأسلوبك الفريد
ونمطك الفاخر
ننتظر معك اكتمال المتعه
وشكرا لاتكفيك ي انيق

السمهري
06-06-2023, 09:29 AM
عبير : ممتنٌّ لرقة مروركِ (أسعدكِ الله) .

السمهري
06-06-2023, 09:29 AM
مختلف : ممتنٌّ لرقة مروركَ (أسعدكَ الله) .

السمهري
06-06-2023, 09:30 AM
أنثى : ممتنٌّ لرقة مروركِ (أسعدكِ الله) .

السمهري
06-06-2023, 09:30 AM
الوفاء : ممتنٌّ لرقة مروركِ (أسعدكِ الله) .

السمهري
06-06-2023, 09:30 AM
رانيا : ممتنٌّ لرقة مروركِ (أسعدكِ الله) .

السمهري
06-06-2023, 09:30 AM
العزيز نايف : تأتي كغيمةٍ مثقلةٍ بالرواء والحياء والبشر الذي يملأ القلوب (أسعدكَ ربي ورضي عنكَ) .