المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ألا لا أَرى الأَحداثَ


عآزفّ النّآي
12-02-2022, 01:25 AM
ألا لا أَرى الأَحداثَ حَمداً وَلا ذَمّا

فَما بَطشُها جَهلاً وَلا كَفُّها حِلما


إِلى مِثلِ ما كانَ الفَتى مَرجِعُ الفَتى
يَعودُ كَما أُبدي وَيُكري كَما أَرمى


لَكِ اللَهُ مِن مَفجوعَةٍ بِحَبيبِها
قَتيلَةِ شَوقٍ غَيرِ مُلحِقِها وَصما


أَحِنُّ إِلى الكَأسِ الَّتي شَرِبَت بِها
وَأَهوى لِمَثواها التُرابَ وَما ضَمّا


بَكَيتُ عَلَيها خيفَةً في حَياتِها
وَذاقَ كِلانا ثُكلَ صاحِبِهِ قِدما


وَلَو قَتَلَ الهَجرُ المُحِبّينَ كُلَّهُم
مَضى بَلَدٌ باقٍ أَجَدَّت لَهُ صَرما


عَرَفتُ اللَيالي قَبلَ ما صَنَعَت بِنا
فَلَمّا دَهَتني لَم تَزِدني بِها عِلما


مَنافِعُها ما ضَرَّ في نَفعِ غَيرِها
تَغَذّى وَتَروى أَن تَجوعَ وَأَن تَظما


أَتاها كِتابي بَعدَ يَأسٍ وَتَرحَةٍ
فَماتَت سُروراً بي فَمُتُّ بِها غَمّا


حَرامٌ عَلى قَلبي السُرورُ فَإِنَّني
أَعُدُّ الَّذي ماتَت بِهِ بَعدَها سُمّا


تَعَجَّبُ مِن خَطّي وَلَفظي كَأَنَّها
تَرى بِحُروفِ السَطرِ أَغرِبَةً عُصما


وَتَلثَمُهُ حَتّى أَصارَ مِدادُهُ
مَحاجِرَ عَينَيها وَأَنيابَها سُحما


رَقا دَمعُها الجاري وَجَفَّت جُفونُها
وَفارَقَ حُبّي قَلبَها بَعدَ ما أَدمى


وَلَم يُسلِها إِلّا المَنايا وَإِنَّما
أَشَدُّ مِنَ السُقمِ الَّذي أَذهَبَ السُقما


طَلَبتُ لَها حَظّاً فَفاتَت وَفاتَني
وَقَد رَضِيَت بي لَو رَضيتُ بِها قِسما


فَأَصبَحتُ أَستَسقي الغَمامُ لِقَبرِها
وَقَد كُنتُ أَستَسقي الوَغى وَالقَنا الصُمّا


وَكُنتُ قُبَيلَ المَوتِ أَستَعظِمُ النَوى
فَقَد صارَتِ الصُغرى الَّتي كانَتِ العُظمى


هَبيني أَخَذتُ الثَأرَ فيكِ مِنَ العِدا
فَكَيفَ بِأَخذِ الثَأرِ فيكِ مِنَ الحُمّى


وَما اِنسَدَّتِ الدُنيا عَلَيَّ لِضيقِها
وَلَكِنَّ طَرفاً لا أَراكِ بِهِ أَعمى


فَوا أَسَفا أَن لا أُكِبَّ مُقَبِّلاً
لِرَأسِكِ وَالصَدرِ الَّذي مُلِئا حَزما


وَأَن لا أُلاقي روحَكِ الطَيِّبَ الَّذي
كَأَنَّ ذَكِيَّ المِسكِ كانَ لَهُ جِسما


وَلَو لَم تَكوني بِنتَ أَكرَمِ والِدٍ
لَكانَ أَباكِ الضَخمَ كَونُكِ لي أُمّا


لَئِن لَذَّ يَومُ الشامِتينَ بِيَومِها
فَقَد وَلَدَت مِنّي لِأَنفِهِمُ رَغما


تَغَرَّبَ لا مُستَعظِماً غَيرَ نَفسِهِ
وَلا قابِلاً إِلّا لِخالِقِهِ حُكما


وَلا سالِكاً إِلّا فُؤادَ عَجاجَةٍ
وَلا واجِداً إِلّا لِمَكرُمَةٍ طَعما


يَقولونَ لي ما أَنتَ في كُلِّ بَلدَةٍ
وَما تَبتَغي ما أَبتَغي جَلَّ أَن يُسمى


كَأَنَّ بَنيهِم عالِمونَ بِأَنَّني
جَلوبٌ إِلَيهِم مِن مَعادِنِهِ اليُتما


وَما الجَمعُ بَينَ الماءِ وَالنارِ في يَدي
بِأَصعَبَ مِن أَن أَجمَعَ الجَدَّ وَالفَهما


وَلَكِنَّني مُستَنصِرٌ بِذُبابِهِ
وَمُرتَكِبٌ في كُلِّ حالٍ بِهِ الغَشما


وَجاعِلُهُ يَومَ اللِقاءِ تَحِيَّتي
وَإِلّا فَلَستُ السَيِّدَ البَطَلَ القَرما


إِذا فَلَّ عَزمي عَن مَدىً خَوفُ بُعدِهِ
فَأَبعَدُ شَيءٍ مُمكِنٌ لَم يَجِد عَزما


وَإِنّي لَمِن قَومٍ كَأَنَّ نُفوسَنا
بِها أَنَفٌ أَن تَسكُنَ اللَحمَ وَالعَظما


كَذا أَنا يا دُنيا إِذا شِئتِ فَاِذهَبي
وَيا نَفسُ زيدي في كَرائِهِها قُدما


فَلا عَبَرَت بي ساعَةٌ لا تُعِزُّني
وَلا صَحِبَتني مُهجَةٌ تَقبَلُ الظُلما

-

احمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي

ابو الطيب المتنبي
(العصر العباسي)

قيثآره
12-02-2022, 01:33 AM
يسلمم يميينك ع طرحك آلمميز
يديك آلعآفيه عآزف

المعتفس
12-02-2022, 02:46 AM
وَما اِنسَدَّتِ الدُنيا عَلَيَّ لِضيقِها
وَلَكِنَّ طَرفاً لا أَراكِ بِهِ أَعمى



يا الله على المتنبي

سلمت أخي على النقل الأكثر من رائع

رآنيا
12-02-2022, 11:56 AM
اختيار رائع وموفق
بوركت جهودك المميزة

~

عآزفّ النّآي
12-03-2022, 06:23 AM
أنرتم متصفحي أشكركم

أمَوآج آلشَرقَيهہْ♥
12-04-2022, 03:15 AM
آختيار جميل و مميز ..
سلمت الآيادي وشكرآ لك على هيك آختيار ..


-

عآزفّ النّآي
12-04-2022, 07:00 AM
أنرتم متصفحي أشكركم

عبير
12-05-2022, 01:32 AM
ابيات شعرية رائعة
سلمت اناملك على الاختيار
بانتظار جديدك

عآزفّ النّآي
12-05-2022, 06:33 AM
شكراً لتوآجــدك عبيـــر