مجتمع غلاك - وحيدة كالقمر

-

قصة أنثى ببرأة الطفوله

تعيش وحيده كالقمر

تقول فى حكايتها
أنا لست بكاتبة ولا شاعرة
إنما مجرد إنسانة عادية جداً جداً

إنسانة تحب الخير لكل من حولها
ولكن أقدارنا كتبت علينا منذ جئنا للحياة
أشعر أحيانا أنى أستطيع أتحمل كل مايدور حولى بأبتسامه عابره
وأحيانا أخرى أشعر بأن كل شئ بداخلى يختنق
أصبحت صديقة الاحزان

وتائه مابين الخيال والاحلام
بدأت قصتى منذ طفولتى

فى بيت جدتى - بيت كبير جميل يساع كل الحبايب
يجمعنا كلنا كل ليله فى تلك الحديقه الجميله

التى كنت دائما العب فيها وحدى

وأنثر فى جانب من جوانبها بعض من بذور الريحان والنعناع

وكم كنت أشعر بالسعاده

عندما أجد هذه البذور تكبر أمامى وتخضر

وكنت لاأريد ان يقترب منها أحد ولا يقطف منها شئ

ورغم ان البيت كان ممتلئ بالاهل ولكن
كان لى مكان خاص بى وحدى

اراقب منه حديقتى الصغيره والزرع وهو ينمو كل يوم أمامى
وأحب جدا أن أتأمل فى السماء
وأعد النجوم وأتحدث مع القمر

خصوصا عندما يكتمل فى منتصف الشهر
كنت أشعر أنه يسمع حديثى ويبتسم لى

كان صديقى الذى يضئ لى حديقتى فى الليل

وفى يوم من الآيام

سمعت أمى تهمس لخالتى بصوت هادئ نبراته ترتعش
وتقول ان أبى يحتاج لعمليه خطيره وهى خائفه كثيرا
وقتها كنت أستوعب كل شئ ولكن أكره الفراق
وارفض اى فكره تخطر على بالى

أن ممكن أن أحد من أحبابى يتركنى لآى سبب
ورغم وجودنا فى هذا البيت الكبير
الذى تركوه جدى وجدتى ليجتمع فيه الاسره دائما

ولا يفرقهم أحد ولكن فجأه شعرت أن البيت يضيق جدا

وشعرت لآول مره ان حتى الزرع الذى ينمو كل يوم ويزدهر
وجدته فى زبول مهما رويته بالماء لا يخضر
أصيبت بحاله من الزهول لهذا الآحساس الغريب
وحاولت أن اتوجه الى حجرتى لكى أنام وأنسى ماكان
وأخيراً .. نمت بعد عناء كبير و أغمضت عيني فشعرت
بشى ما يحدثنى لاأعرف هل هو صوت عقلى أم قلبى
ولكن وجدته صوت خالتى التى تهمس لى فى أذنى
أنهضى حبيبتى اريد أن أحدثك فى موضوع هام
قلت لها لماذا ارى دموع فى عينك ومازالنا فى الصباح
مابك خالتى هل كنتى تحلمى حلم سئ
قالت لى لا ياصغيرتى بل نحن نمر الآن بواقع سئ وليس حلم

قلت لها بسرعه أخبرينى

قالت لى والدك ذهب لآجراء عمليه خطيره
وقومى نصلى معا ونتوجه الى الله سبحانه وتعالى
بالدعاء ليعود والدك بسلام وأمان
وجدت نفسى بلا شعور أقول لها

ولماذا ذهب بدون ان يقبلنى ويودعنى

قالت لى كنتى نائمه وتعرفى مايحب يقلقك ويتعبك
قلت لها ببراءة الطفوله وهل سأراه قبل اجراء العمليه
قالت هو طلب منا ان لايراه أحد وهو متجه الى المستشفى

نظرت اليها نظرة عتاب ولكن بصمت

ونزلت الحديقه لكى ارى حالة الزرع اليوم

أجده فى نظرى يزداد سوءا وأصفرار
كنت لاأعرف يومها ولا أفهم
أن ممكن كل شئ يشعر بالحزن مثلى
حتى الزرع حتى جدران البيت

كل شئ اشعر تجاهه بصمت رهيب
حتى أخواتى ينظروا لى وكأنهم يخفوا عليه سر كبير
عيونهم تتكلم ولكنهم صامتون
تركتهم تائهون حائرون فى صمتهم
وذهب لحجرتى وقفت أمام النافذه التى تطل على حديقتى
ولآول مره لم أجد القمر ينتظرنى فى السماء
أحسست بقبضه فى قلبى

حتى القمر تخلى عنى هذه الليله

وكم احتاج لقربه منى أحدثه عن مااشعر به ويخنق صدرى
ولكن دون فائده أحسست ان القمر غيابه اليوم

ليتركنى فى هذا الظلام وحدى

ليضئ مكان أخر لايشعر بالحزن مثلى

وكالعاده حاولت جاهده أن أنام
ولكن النوم جفانى وأفكار كثيره تلاحقنى

الى أن سمعت صوت جرس الباب
أول مره أشعر انى لااحب أفتح باب البيت
وفعلا أغمضت عينى وكأنى لاأرى ولا أسمع شئ
وفجأه سمعت صوت بكاء شديد
هذا الصوت ليس غريب عنى أنه صوت أمى
تمنيت وقتها أن لاتأتى الى حجرتى
ولا تبلغنى أى شئ لااريد أن اصدق صوت عقلى

وفجأه فتحت باب حجرتى وأخذتنى فى حضنها

ولم تكف عن البكاء نظرت اليها نظره طويله
فيها كل اللوم والعتاب انهم حرمونى من القبله الآخيره
وبعدها لم أفيق الا فى فى المستشفى

وأنا مربوطة الآيدى بسلوك المحاليل واجهزة الضغط وخلافه
وفقدت النطق فتره طويله من الزمن
لااعرف هل فقدت النطق فعلا

او انا التى لاتقوى على الكلام لاأدرى
ومرت الآيام وقمر البيت غاب عنه للآبد
حتى القمر فى السماء كنت أشعر أنه حزين مثلى
وماكان يبتسم لى ولا يطيب خاطرى

ومرت الشهور والسنين وكأن أمى كانت على موعد مع أبى
أنها لاتغيب عنه كثيرا وظل الحزن يرافقها

والبكاء أجهد عيونها الجميله
الى أن لحقت به بعد سنوات قليله
وأنطفئ كل شئ جميل فى البيت الكبير
وحديقتى وزرعى والركن الهادى

كله اصبح مساوى للآرض
وتركنا البيت وذهبنا بيت صغير

كل جدرانه مظلمه وحزينه

كل فرد فى البيت عايش فى غربة روح
اصبحنا مثل الآشباح لانلتقى الا لسبب مهم
وكل واحد فينا عايش مع نفسه

وتمر السنوات ضئيله ممله ليس لها طعم ولا ملامح
ولكن الرضا بالقضاء والقدر كان سبب أساسى فى أستمرار الحياه

فأصبحت من بعد هذه الآحداث وتفاصيلها الكثيره

أصبحت صديقة لنفسي بين جدران حجرتى مع قلمى ودفترى
أهرب من كل شئ من الواقع من الحب من الآيام
أقف حائرة متردده فى كل شئ أترك الغد لله وحده
نظرت إلى السماء أبحث عن القمر وجدتها ملبدة بالغيوم
وتخلى عنى القمر وأصبحت لاأراه الا قليلا

حتى أبتسامته الجميله رحلت مع الراحلين

ومن يومها أصبحت وحيده كالقمر

أنظر الى السماء وأتأمل النجوم

وأتنفس بحنين وأشتياق وأرسل دعواتى الى رب الكون

ربيّ بلل تُربة مِن فارقُونا بِ قطَرات مِن خيرك
وإجعَل نسائِمُ الجنه تهُب عَليهمّ

وأجمعنى بهم فى جنات النعيم يَا أرّحم الراحِمينّ ..