كان الحسن البصري رحمه الله في جنازة فأتى إليه الفرزدق منكس الرأس دامع العين وقال له : يا أبا سعيد إن الناس يقولون حضر خير الناس ويشيرون إليك وشر الناس ويشيرون إلي .
فقال الحسن : يا أبا فراس لست أنا بخير الناس ولست أنت بشرهم .
ثم صمت قليلاً ثم قال : ما أعددت لهذا اليوم يا أبا فراس؟
فأجابه : شهادة ألا إله إلا الله مذ سبعين سنة ثم أنشد :

أخاف وراء القبر إن لم يعافني
أشد من القبر التهاباً وأضيقا

إذا قادني يوم القيامة قائدٌ
عنيف وسواق يسوق الفرزدقا

لقد خاب من أولاد آدم من مشى
إلى النار مغلول القلادة أزرقا

إذا شربوا فيها الحميم رأيتهم
يذوبون من حر الحميم تمزقا

فبكى الحسن حتى اخضلت لحيته .

لما ولي الخلافة سليمان بن عبد الملك ، نَكبَ يزيد بن أبي مسلم ، وأُدخلَ عليه مُكتَّفًا ، فلما رآه ضؤل بعينه وازدراه ، وقال : لعن الله من أجرَّكَ رسنه ، وحكَّمَكَ في أمره !
فقال يزيد : رأيتني والأمر مدبر ، ولو رأيتني في عزي لقلت خلاف ما قلت !
فقال : صدقتَ ! ثم قال له : أترى الحجاج وصل قعر جهنم ؟!
فقال : هو يمين أبيكَ -عبد الملك بن مروان هو من ولاه الحجاز ثم العراق بعد ذلك ، وأوصى ابنه الوليد بألا يعزله ، وأن يستعين به- ، وشمالُ أخيكَ ، فضعه فيها حيث أحببتَ !
فقال سليمان : اغربْ لعنَكَ اللهُ !

قال أحدهم لأحد الشعراء : إذا هجوتني أموتُ ؟
قال الشاعر : لا !
قال : أفقدُ أحدًا من أهلي ؟
قال الشاعرُ : لا !
قال : أخسرُ تجارتي ؟
قال الشاعرُ : لا !
قال الرجلُ : إذًا ، من أخمصي إلى عنقي في حِرِّ أُمِّكَ !
فقال الشاعرُ : ولمَ أبقيتَ رأسكَ ؟!
فقال الرجلُ : لأنظُرَ ما تصنع !

أحبك....حبا كرائحة العنبر
حبا يتدفق كالشلال المنهمر
ملكت قلبي...سرقت عقلي
لا أستطيع أن أفكر أكثر
غلبتني....قتلتني
حتى نطق الصخر وتفجر
مهلا....مهلا...سيدي
فالحب سفينة لا أكثر
جمعت الجن والبشر
الحب ثروة لا أثر
الحب خاتمة القدر
أحبك سيدي....حبا لم يعرف في كل البشر
وسأظل أحبك....حبا يكبر
حتى نموت أو يجمعنا القدر

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفصح العرب قاطبة
وقد أُتي جوامع الكلم ، ومع ذلك كان قليل الكلام لو عدّ حديثه السامع لأحصاه
قال عنه بعض الصحابة أنه مع عذوبة حديثه لا يتكلم كثيراً حتى لا يمله السامع .
وقال فيه أحمد شوقي :
" يا أَفصحَ الناطقين الضادَ قاطبةً *حديثُك الشهدُ عند الذائق الفهِمِ "

فإذا كان من أُتي جوامع الكلم يخشى السآمة على الناس
فكيف لمن دونه بمراتب أن يتصدر المجالس واللقاءات
بحديث مكرر وكلام غير مبرر ، ومن دون حاجة
ويظن أنه حكيم الحكماء ، وشيخ الفصحاء

"صداع من كلامك يعترينا
وما فيه لمستمع بيان
مكابرة ومخرقة وبهت
لقد أبرمتنا يا مبرمان"